للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ يَقْصُرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْخَاصِّ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ قُلْنَا فِي الصِّفَةِ مَمْنُوعٌ مِثَالُ الْعَكْسِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» يَعْنِي كَافِرٌ حَرْبِيٌّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَقَالَ الْحَنَفِيُّ: يُقَدَّرُ الْحَرْبِيُّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي صِفَةِ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَ بِهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَمِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِكَافِرٍ وَلَا الْمُسْلِمُ بِكَافِرٍ فَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْأَوَّلِ الْحَرْبِيُّ فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الثَّانِي الْحَرْبِيُّ أَيْضًا لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّمْثِيلُ بِالْحَدِيثِ لِمَسْأَلَةِ: إنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ (رُجُوعَ الضَّمِيرِ أَوْ الْبَعْضِ) أَيْ بَعْضِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ أَيْ يَقْصُرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ حَذَرًا مِنْ مُخَالَفَةِ الضَّمِيرِ لِمَرْجِعِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي الْمُخَالَفَةِ لِقَرِينَةٍ مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] فَضَمِيرُ بُعُولَتِهِنَّ لِلرَّجْعِيَّاتِ وَيَشْمَلُ قَوْلُهُ وَالْمُطَلَّقَاتُ مَعَهُنَّ الْبَوَائِنَ وَقِيلَ لَا وَيُؤْخَذُ حُكْمُ الْبَوَائِنِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ (مَذْهَبَ الرَّاوِي) لِلْعَامِّ بِخِلَافِهِ لَا يُخَصِّصُهُ

ــ

[حاشية العطار]

لَمْ يُخَصَّ بِهِ، وَإِلَّا خُصَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ إلْكِيَا: إنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ: وَلِهَذَا حَمَلَ الشَّافِعِيُّ «تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُحْرِمٌ» عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) يُحْتَمَلُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ كَذَلِكَ، وَالنَّصْبُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ عَطْفَ، وَقَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَيْ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْخِلَافِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي عَكْسِهِ أَيْضًا الِاتِّحَادُ الْمُدْرَكُ وَفِيهِ إيمَاءٌ لِعُذْرِ الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِهِ الْعَكْسَ (قَوْلُهُ: أَيْ يَقْصُرُهُ إلَخْ) هَذَا مَعْنًى آخَرَ لِلتَّخْصِيصِ غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَصْرُهُ عَلَى مَا عَدَا الْخَاصَّ

(قَوْلُهُ: وَصِفَتُهُ) وَمِنْهَا الْخُصُوصُ وَتَعْمِيمُ الْخَاصِّ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِأَمْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مِثَالُ الْعَكْسِ) قَدَّمَهُ لِوُرُودِ مِثَالِهِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي اُشْتُهِرَ فِيهِ الْخِلَافُ فَقَدَّمَهُ اعْتِنَاءً بِهِ قَوْلُهُ: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» قَالَ الشِّهَابُ الْعَامُّ الْكَافِرُ الْأَوَّلُ وَالْخَاصُّ الْكَافِرُ الْمُقَدَّرُ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْكَافِرِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ الدَّاخِلَةِ عَلَى: وَلَا ذُو عَهْدٍ فَإِنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ عَطَفَ ذُو عَلَى مُسْلِمٍ وَبِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ عَلَى بِكَافِرٍ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، أَوْ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ) أَيْ الْمُعَاهَدِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ) فِيهِ تَغْلِيبٌ (قَوْلُهُ: فِي صِفَةِ الْحُكْمِ) وَهِيَ الْحِرَابَةُ، وَهِيَ صِفَةٌ خَاصَّةٌ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا صِفَةً لِلْحُكْمِ أَنَّهَا صِفَةٌ لِمُتَعَلِّقِهِ، وَهُوَ الشَّخْصُ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ صِحَّةَ التَّمْثِيلِ بِهِ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ بِاعْتِبَارَيْنِ فَالتَّمْثِيلُ بِهِ هُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْعَامِّ أَيْ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ، وَالتَّمْثِيلُ بِهِ هُنَاكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَخْ) قَدْ يُعَبَّرُ بَدَلَ الضَّمِيرِ بِمَا يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ؛ لَأَنْ يُقَالَ: تَعْقِيبُ الْعَامِّ بِمَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِ لَا يُخَصِّصُهُ فِي الْأَصَحِّ وَالْغَيْرُ كَالْمُحَلَّى بِأَلْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ كَأَنْ يُقَالَ بَدَلَ: " وَبُعُولَتُهُنَّ " إلَخْ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَبِقَوْلِهِ: " الْمُطَلَّقَاتُ " أَوْ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ اهـ. ز

(قَوْلُهُ: لَا مَحْذُورَ) بَلْ فِيهِ مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الِاسْتِخْدَامُ (قَوْلُهُ: وَالْمُطَلَّقَاتُ) أَيْ مِنْ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ غَيْرِ الْحَوَامِلِ وَغَيْرُهُ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ وَكُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَكُنَّ أَحْرَارًا فَفِي الْآيَةِ تَخْصِيصَاتٌ (قَوْلُهُ: أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ أَيْ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ (قَوْلُهُ: وَيَشْمَلُ) أَيْ فَالْمُطَلَّقَاتُ عَامٌّ فِي الْبَائِنَاتِ وَالرَّجْعِيَّاتِ فَلَا يَخْتَصُّ التَّرَبُّصُ بِالرَّجْعِيَّاتِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ وَبِالْبَائِنَاتِ (قَوْلُهُ: مَعَهُنَّ) حَالٌ مِنْ الْبَوَائِنِ أَيْ يَشْمَلُ الْبَوَائِنَ حَالَ كَوْنِهِنَّ مَعَ الرَّجْعِيَّاتِ فِي الشُّمُولِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَشْمَلُ، وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ الْمُتَضَمَّنُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الرَّجْعِيَّاتُ مَدْلُولًا تَضْمِينًا لِلْمُتَضَمِّنِ عَلَى صِفَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ الْمُطَلَّقَاتُ مُرَادًا بِهِنَّ الرَّجْعِيَّاتُ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ، وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ، وَوُجُوبُ تَرَبُّصِ غَيْرِ الرَّجْعِيَّاتِ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: لِلْعَامِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالرَّاوِي وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ وَبِخِلَافِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَذْهَبٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>