للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ فَقَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» .

وَرَوَى مُسْلِمٌ الْأَوَّلَ بِلَفْظِ: «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَالْبُخَارِيُّ الثَّانِيَ بِلَفْظِ «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا» إلَخْ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْعَادَةَ بِتَرْكِ بَعْضِ الْمَأْمُورِ) بِهِ أَوْ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ (تُخَصِّصُ) الْعَامَّ أَيْ تَقْصُرُهُ عَلَى مَا عَدَا الْمَتْرُوكَ أَوْ الْمَفْعُولَ (إنْ أَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِأَنْ كَانَتْ فِي زَمَانِهِ وَعَلِمَ بِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا (أَوْ الْإِجْمَاعُ) بِأَنْ فَعَلَهَا النَّاسُ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ) أَيْ وَالِانْتِفَاعُ يَسْتَلْزِمُ الطَّهَارَةَ، وَقَدْ يَمْنَعُ الِاسْتِلْزَامَ بِأَنَّ الْجِلْدَ النَّجِسَ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي مَوَاضِعَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ؛ إذْ مِنْ أَفْرَادِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالصَّلَاةِ فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ، وَإِرَادَةُ بَعْضِ الِانْتِفَاعَاتِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ قَوْلُهُ: «إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» أَيْ لَا الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِهَا (قَوْلُهُ: وَرَوَى مُسْلِمٌ) بَيَانٌ لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الرِّوَايَتَيْنِ وَتَفْوِيتِهَا اهـ. زَكَرِيَّا.

وَبِخَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الْغُنَيْمِيِّ أَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا بِأَنَّ مَنْ نَسَبَهَا فِي الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَى مُسْلِمٍ فَقَدْ وَهَمَ (قَوْلُهُمْ: إنَّ الْعَادَةَ بِتَرْكِ إلَخْ) أَيْ الْجَارِيَةِ بِتَرْكِ بَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَأَنْ قِيلَ: فِي النَّعَمِ زَكَاةٌ وَاعْتَادُوا تَرْكَهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِ إلَخْ كَأَنْ قِيلَ: لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا ثُمَّ اعْتَادُوا بَيْعَ الْبُرِّ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا، وَالْمُرَادُ الْعَادَةُ اللَّاحِقَةُ بَعْدَ وُرُودِ الْعَامِّ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي الْعَادَةُ السَّابِقَةُ (قَوْلُهُ: الْمَأْمُورِ بِهِ) أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَرْكَهُ يُخَصِّصُ؛ إذْ الْمَأْمُورُ بِهِ أَمْرَ نَدْبٍ لَا يُنَافِي تَرْكَهُ كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَيْ تَحْرِيمًا؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُنَافِي فِعْلَهُ كَوْنُهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِعْلَهُ تَخْصِيصٌ كَذَا قَالُوا هُنَا، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ فَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ النَّظْمِ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْهُ أَنَّ تَقْرِيرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْمُجَرَّدَةِ، أَوْ يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا أَسْتَحْضِرُ فِيهِ نَقْلًا، وَمَالَ إلَى الْإِبَاحَةِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْقُشَيْرِيِّ وَحَكَى التَّوَقُّفَ فِيهَا عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَّحَ الْحَمْلَ عَلَى الْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ اهـ.

وَحَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالُوا، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ: وَلَوْ كَانَ أَمْرَ نَدْبٍ وَنَهْيَ كَرَاهَةٍ يَحْصُلُ التَّخْصِيصُ بِهَا، وَتُسْتَفَادُ الْإِبَاحَةُ الْمُجَرَّدَةُ تَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: بِصِيغَةِ الْعُمُومِ) يَتَنَازَعُهُ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِجْمَاعُ) بِأَنْ عَلِمَ جَرَيَانَهَا مِنْ بَعْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِهِ مُحَالٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ فَعَلَهَا النَّاسُ) أَيْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>