للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَضَعَ مَكَانَهُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ (أَوْ غَيْرَهَا) كَمَا فِي وَضْعِ بَعْضِهِمْ أَحَادِيثَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ وَالتَّرْهِيبِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ (وَمِنْ الْمَقْطُوعِ بِكَذِبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ خَبَرُ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ) أَيْ قَوْلِهِ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إلَى النَّاسِ (بِلَا مُعْجِزَةٍ أَوْ) بِلَا (تَصْدِيقِ الصَّادِقِ) لَهُ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ عَنْ اللَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَالْعَادَةُ تَقْضِي بِكَذِبِ مَنْ يَدَّعِي مَا يُخَالِفُهَا بِلَا دَلِيلٍ، وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ لِتَجْوِيزِ الْعَقْلِ صِدْقَهُ أَمَّا مُدَّعِي النُّبُوَّةِ أَيْ الْإِيحَاءِ إلَيْهِ فَقَطْ فَلَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ كَمَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (وَمَا نُقِّبَ) أَيْ فُتِّشَ (عَنْهُ) مِنْ الْحَدِيثِ (وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ أَهْلِهِ) مِنْ الرُّوَاةِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِكَذِبِهِ لِقَضَاءِ الْعَادَةِ بِكَذِبِ نَاقِلِهِ، وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ لِتَجْوِيزِ الْعَقْلِ صِدْقَ نَاقِلِهِ، وَهَذَا مَفْرُوضٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَخْبَارِ أَمَّا قَبْلَ اسْتِقْرَارِهَا كَمَا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ أَحَدُهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ (وَبَعْضُ الْمَنْسُوبِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْ الْمَقْطُوعِ بِكَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَيُكْذَبُ عَلَيَّ فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، وَإِلَّا فِيهِ كَذِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ (وَالْمَنْقُولُ آحَادٌ فِيمَا

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: أَوْ يَضَعُ مَكَانَهُ) أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ الْأَصْلَ لِيُغَايِرَ النِّسْيَانَ (قَوْلُهُ: مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ) أَيْ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَضْعَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي وَضْعِ بَعْضِهِمْ) هُمْ الْكَرَّامِيَّةُ (قَوْلُهُ: الْمَقْطُوعُ بِكَذِبِهِ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا فَمَعَ النَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ بَعْدَ وُرُودِهِ لَا يُقَالُ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ قَطْعًا، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ: وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُزُولِ قَوْله تَعَالَى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نَبِيَّ بَعْدِي» أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَطْعُ بِكَذِبِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَقِيَامُ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى أَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. سم.

عَلَى أَنَّ تَجْوِيزَ الْعَقْلِ صِدْقَهُ لَا يُنَافِي الْقَطْعَ بِكَذِبِهِ عَادَةً؛ لِأَنَّ مَعْنَى تَجْوِيزِ الْعَقْلِ خِلَافَ الْعُلُومِ الْعَادِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُ خِلَافِهَا لَمْ يَكُنْ مُحَالًا لَا أَنَّهُ يَجُوزُ خِلَافُهَا بِالْفِعْلِ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِلَا مُعْجِزَةٍ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ: مُعْجِزَتِي أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يُنْطِقُ هَذَا الْحَجَرَ فَنَطَقَ بِتَكْذِيبِهِ عُلِمَ كَذِبُهُ؛ إذْ لَوْ كَانَ صَادِقًا لَمَا أَظْهَرَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مُعْجِزَتِي أَنِّي أُحْيِي هَذَا الْمَيِّتَ فَأَحْيَاهُ فَنَطَقَ بِتَكْذِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ ذُو اخْتِيَارٍ كَسَائِرِ الْخَلْقِ، وَالْإِعْجَازُ فِي إحْيَائِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَصْدِيقُ الصَّادِقِ لَهُ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْمُعْجِزَةِ مِنْ تَصْدِيقِ شَيْءٍ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَتَصْدِيقٌ لَكَانَ أَوْلَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَأَنَّ أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَتُفِيدُ النَّفْيَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّادِقِ النَّبِيُّ الَّذِي جَاءَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِتَجْوِيزِ الْعَقْلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَمْنَعُ الْأَوَّلَ، وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَا نُقِّبَ) بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ، وَالتَّامُّ مُتَعَذِّرٌ

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ) أَيْ كَالْحَدِيثِ الَّذِي فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ الْمَنْسُوبِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ بِلَازِمِ الْقَطْعِ فِيمَا مَضَى فَيَجُوزُ الْكَذِبُ فِيمَا يَأْتِي، أَوْ يُقَالُ: السِّينُ لِلتَّنْفِيسِ الْقَرِيبِ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَقْتَضِي الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ: سَيُكْذَبُ عَلَيَّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: فَإِنْ قُلْت: لَا يَلْزَمُ وُقُوعُ الْكَذِبِ فِي الْمَاضِي الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ سَيُكْذَبُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، قُلْت: السِّينُ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى اسْتِقْبَالٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ سَوْفَ وَقَدْ حَصَلَ هَذَا الِاسْتِقْبَال الْقَلِيلُ بِزِيَادَةٍ اهـ.

وَمُرَادُهُ بِالْمَاضِي مَا تَقَدَّمَ عَلَى زَمَنِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ قَطْعِهِ بِكَذِبِ بَعْضِ الْمَنْسُوبِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالْمُسْتَقْبِلِ مَا تَأَخَّرَ عَنْ زَمَنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الصَّادِقِ بِأَنْ يَكُونَ قُرْبَ السَّاعَةِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِيهِ كَذِبٌ) أَيْ وَإِلَّا يَقَعُ كَذِبٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ السَّاعَةِ؛ لِأَنَّ السِّينَ لِلِاسْتِقْبَالِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا لِلتَّنْفِيسِ الْقَرِيبِ

(قَوْلُهُ: فِيمَا تَتَوَافَرُ) أَيْ تَجْتَمِعُ وَقَوْلُهُ: الدَّوَاعِي أَيْ لِلنَّاسِ وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ الِاخْتِلَافَ فِي دُخُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي مُزْدَحَمٍ مِنْ الْخَلْقِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ صُلْحًا أَوْ غَيْرَهُ مُتَمَسِّكِينَ فِيهِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>