كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ التَّابِعُ لَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْكَعْبِيِّ (بِتَوَقُّفِهِ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ حَاصِلَةٍ) عَنْ السَّامِعِ، وَهِيَ الْمُحَقِّقَةُ لِكَوْنِ الْخَبَرِ مُتَوَاتِرًا مِنْ كَوْنِهِ خَبَرَ جَمْعٍ وَكَوْنُهُمْ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَكَوْنُهُ عَنْ مَحْسُوسٍ (لَا الِاحْتِيَاجُ إلَى النَّظَرِ عَقِيبَهُ) أَيْ عَقِيبَ سَمَاعِ الْمُتَوَاتِرِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى فِي أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَهُ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا وَبِالضَّرُورِيِّ عَبَّرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ خِلَافَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ سَهْوًا أَوْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ عَقِيبُهُ بِالْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) عَنْ الْقَوْلِ بِوَاحِدٍ مِنْ الضَّرُورِيِّ وَالنَّظَرِيِّ أَوْ لِتَعَارُضِ دَلِيلَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ مِنْ حُصُولِهِ لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ النَّظَرُ وَتَوَقُّفُهُ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُحَقَّقَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا (ثُمَّ إنْ أَخْبَرُوا) أَيْ أَهْلُ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ (عَنْ عِيَانٍ) بِأَنْ كَانُوا طَبَقَةً فَقَطْ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا عَنْ عِيَانٍ بِأَنْ كَانُوا طَبَقَاتٍ فَلَمْ يُخْبِرْ عَنْ عِيَانٍ
ــ
[حاشية العطار]
وَهُوَ سَلِيمُ الصَّدْرِ أَوْ مَنْ لَا فِطْنَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمُنْتِجَةَ لِلْمَطْلُوبِ حَتَّى تُنَافِيَ الضَّرُورَةَ قَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَقَدْ كُنْت أَبْدَعَتْ لَهُ اصْطِلَاحًا، وَهُوَ أَنَّهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ لَكِنَّ هَذِهِ الْمُقَدَّمَاتِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى تَجَشُّمِ طَلَبٍ مِنْ النَّفْسِ بِالْحَرَكَةِ فِي الْمَبَادِئِ صَارَتْ كَالْمُقَدِّمَاتِ فِي قَضَايَا قِيَاسَاتِهَا مَعَهَا وَكَالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ دَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَكَانَ اللَّازِمُ بَاطِلًا، وَكَالْحُدُودِ الْوُسْطَى الْحَاصِلَةِ بِلَا حَرَكَةٍ دَفْعَةً عِنْد الِالْتِفَاتِ إلَى الْمَطَالِبِ فِي الْحَدْسِيَّاتِ بِحَيْثُ تَتَمَثَّلُ الْمَطَالِبُ فِي الذِّهْنِ مَعَهَا مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ شَوْقٌ أَوْ لَا وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ التَّصْدِيقَ عَنْ الضَّرُورِيَّةِ إلَى النَّظَرِيَّةِ بَلْ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحَرَكَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ إنِّي قَدْ ظَفِرْت بَعْدَ حِينٍ بِمَا نَقَلَ التَّفْتَازَانِيُّ عَنْ الْمُسْتَصْفَى لِلْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِلَ بِالتَّوَاتُرِ ضَرُورِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْسِيطِ وَاسِطَةٍ مُغْضِيَةٍ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاسِطَةَ حَاضِرَةٌ فِي الذِّهْنِ وَلَيْسَ ضَرُورِيًّا بِمَعْنَى أَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ كَقَوْلِنَا: الْمَوْجُودُ لَا يَكُونُ مَعْدُومًا فَوَجَدْته مُشِيرًا إلَى تَقْرِيرِي الْمَذْكُورِ فَشَكَرْت اللَّهَ عَلَى مَا هَدَانِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَخُصُّ الرَّازِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِإِفْرَادِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَجَعْلِهِ مَعَ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ نَظَرِيٌّ (قَوْلُهُ: جَرَتْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ) أَيْ الْعَامِّيَّةِ فَلَا يُنَافِي الْقِلَّةَ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ) قَالَ سم: التَّوَقُّفُ مَعَ انْتِفَاءِ الْخِلَافِ فِي الْمَعْنَى وَانْتِفَاءِ مُنَافَاةِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ لِلْآخَرِ مُشْكِلٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الِاعْتِذَارِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَخْ إنْ أَرَادَ بِعَدَمِ النَّظَرِ إلَى عَدَمِ التَّنَافِي أَنَّهُ عَقِلَ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ، وَإِنَّ الْبَعِيدَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ اهـ
(قَوْلُهُ: عَنْ عِيَانٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُشَاهَدَ بَلْ الْمَحْسُوسُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ عَنْ مَحْسُوسٍ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ وَاضِحٌ) أَيْ لِوُجُودِ كُلِّ الْقُيُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ الَّذِي قَدَّمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute