للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا الطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنْهُمْ (فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُمْ جَمْعًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (فِي كُلِّ الطَّبَقَاتِ) أَيْ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ لِيُفِيدَ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى فَلَا يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ.

وَمِنْ هَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى قَدْ يَكُونُ آحَادًا فِيمَا بَعْدَهَا وَهَذَا مَحْمَلُ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالصَّحِيحُ) مِنْ أَقْوَالٍ (ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَهُ) أَيْ الْمُتَوَاتِرَ أَيْ الْحَاصِلَ مِنْهُ (لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ) فِي رِوَايَةٍ (مُتَّفِقٌ لِلسَّامِعِينَ) فَيَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (وَلِلْقَرَائِنِ) الزَّائِدَةِ عَلَى أَقَلِّ الْعَدَدِ الصَّالِحِ لَهُ بِأَنْ تَكُونَ لَازِمَةً لَهُ مِنْ أَحْوَالِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ أَوْ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ أَوْ بِالْمُخْبِرِ بِهِ (قَدْ يَخْتَلِفُ فَيَحْصُلُ لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو) مَثَلًا مِنْ السَّامِعِينَ؛ لِأَنَّ الْقَرَائِنَ قَدْ تَقُومُ عِنْدَ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ، أَمَّا الْخَبَرُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ بِالْقَرَائِنِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ فَلَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَجِبُ حُصُولُ الْعِلْمِ مِنْهُ لِكُلٍّ مِنْ السَّامِعِينَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَرَائِنَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ظَاهِرَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ مُطْلَقًا لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَلِبَعْضِهِمْ فَقَطْ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَحْصُلَ الْعِلْمُ لِبَعْضٍ بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ كَالْقَرَائِنِ (وَ) الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالٍ (أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وَفْقٍ لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ــ

[حاشية العطار]

فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ إنْ أَخْبَرُوا عَنْ مَحْسُوسٍ لَهُمْ فَذَاكَ وَإِلَّا كَفَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا كُلُّهُمْ عَنْ مَحْسُوسٍ لَهُمْ بِأَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ الطَّبَقَةُ الْأُولَى فَقَطْ كَفَى، وَحُصُولُ التَّوَاتُرِ إخْبَارُهَا عَنْ مَحْسُوسٍ لَهُمْ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ كَوْنِ كُلِّهِمْ جَمْعًا يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: إلَّا الطَّبَقَةُ الْأُولَى) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِخْبَارِهَا عَنْ عِيَانٍ إخْبَارُهَا بِأَنَّهَا عَايَنَتْ الْحُكْمَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَكُلُّ طَبَقَةٍ مُعَايِنَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِي، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكُلِّيَّةُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِقُرْآنِيَّتِهَا كَمَا مَرَّ صَدْرَ الْكِتَابِ، وَمَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهَا مِنْ حَيْثُ الْخَبَرِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْآحَادِ، وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ عَدَمُ قُرْآنِيَّتِهَا

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ثَالِثُهَا بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِهِ فِي نُسْخَةٍ، وَفِي بَعْضِهَا وَالصَّحِيحُ إنْ عَلِمَهُ (قَوْلُهُ: الصَّالِحُ لَهُ) أَيْ لِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَكَذَا الضَّمَائِرُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ لَازِمَةً لَهُ) بَيَانٌ لِمُرَادِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْقَرَائِنَ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ) كَأَنْ تَكُونَ الرُّوَاةُ كُلُّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ وَهَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمُخْبِرِ عَنْهُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مُجَرَّدَ الصِّدْقِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُخْبَرِ بِالْفَتْحِ بِأَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى السَّامِعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا أَيْ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ فَيَخْتَلِفُ التَّوَاتُرُ بِاخْتِلَافِ حَالِهِمَا (قَوْلُهُ: بِالْقَرَائِنِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ) كَالْعِلْمِ بِوُجُودِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا أَخْبَرَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَطْوِيَّيْنِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِقَرَائِنَ أَوْ بِكَثْرَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ الْعِلْمُ لِكُلِّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى وَفْقِ) بِتَثْلِيثِ الْوَاوِ مُوَافَقَةٍ أَيْ عَلَى مَعْنًى مُوَافِقٍ لِمَعْنَى خَبَرٍ كَمَا إذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُوَافِقِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ فَهَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَهُ النَّبِيُّ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ) لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُرَادَ صِدْقُ الْمَتْنِ أَوْ صِدْقُ سُنِّيَّتِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ دَلَّ قَطْعًا عَلَى صِدْقِهِ؛ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِجْمَاعِ لَهُ تَقْتَضِي صِدْقَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ الْخَطَأِ، وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَالْإِجْمَاعُ لَا يُوصَفُ بِمُوَافَقَةِ النِّسْبَةِ أَوْ مُخَالَفَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُوَافَقَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْأَحْكَامِ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحِكَايَةَ وَالْمَحْكِيَّ لَمَّا كَانَا شَيْئًا صَحَّ أَنْ يُقَالَ: الْمُوَافَقَةُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَتْنِ لَا تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ النِّسْبَةِ وَالْإِسْنَادِ فَالْمُرَادُ أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِجْمَاعِ لِلْخَبَرِ فِي الْحُكْمِ لَا يَدُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>