لَا يَجِبُ) الْعَمَلُ بِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّتِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَقَدْ نَهَى عَنْ اتِّبَاعِهِ وَذَمَّ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ} [النجم: ٢٣] ، قُلْنَا: تَقَدَّمَ جَوَابُ ذَلِكَ قَرِيبًا (وَ) قَالَ (الْكَرْخِيُّ) : لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِي الْحُدُودِ) ؛ لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ لِحَدِيثِ مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ، وَاحْتِمَالُ الْكَذِبِ فِي الْآحَادِ شُبْهَةٌ.، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ شُبْهَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الشَّهَادَةِ أَيْضًا (وَ) قَالَ قَوْمٌ: لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِي ابْتِدَاءِ النُّصُبِ) بِخِلَافِ ثَوَانِيهَا حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ فَقَبِلُوا خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي النِّصَابِ الزَّائِدِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ، وَلَمْ يَقْبَلُوهُ فِي ابْتِدَاءِ نِصَابِ الْفِصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَتَمَّ حَوْلُهَا عَلَى الْأَوْلَادِ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَهُمْ فِي الْأَوْلَادِ مَعَ شُمُولِ الْحَدِيثِ لَهَا
ــ
[حاشية العطار]
وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ عَدُّهُمْ عُلَمَاءَ وَاعْتِبَارُ قَوْلِهِمْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَا عَدَاهُ مُسْتَنْكَرٌ فَفِي الْقَوْمِ جِبَالُ عُلُومٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا سَبَقَ إذْ الْعَمَلُ بِهِ فِيمَا سَبَقَ إجْمَاعٌ فَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي أَيْ لَا عَنْ السَّابِقِ أَيْضًا حَتَّى يَمْتَنِعَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْإِطْلَاقِ
(قَوْلُهُ:، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْعِلْمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ لَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ مُسْتَدْرَكٌ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فِي الْحُدُودِ) كَأَنْ رَوَى شَخْصٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ زَنَى حُدَّ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثٍ مُسْنَدٍ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي أَوْ مِنْ (قَوْلُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ شُبْهَةٌ) ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ خَبَرِ الْعَدْلِ لِلْكَذِبِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الشَّهَادَةِ) مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا فِيهَا كَالْإِفْتَاءِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَدِّ وَالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ مَقْصِدٌ وَهِيَ وَسِيلَةٌ وَالْوَسَائِلُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ (قَوْلُهُ: فِي ابْتِدَاءِ النُّصُبِ) هُوَ أَوَّلُ مِقْدَارٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالنُّصُبُ جَمْعُ نِصَابٍ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَثَوَانِيهَا هِيَ مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ مِقْدَارٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَرْضًا أَوْ وَقْصًا، وَالْوَقْصُ مَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ فِي زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ نِصَابًا بَلْ أَوْجَبَهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَهُ الْكَمَالُ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ) يَعْنِي فَيُغْتَفَرُ فِيهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ: وَالْعَجَاجِيلُ) جَمْعُ عُجُولٍ أَوْ جَمْعُ عِجْلٍ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ فَعَالِيلَ لَا يَكُونُ جَمْعًا لِلثَّلَاثِي، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ وَالْفُصْلَانُ جَمْعُ فَصِيلٍ، وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ غَيْرَهُمَا كَالْغَنَمِ كَذَلِكَ لِاقْتِصَارِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ عَلَى الْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ إذْ لَا يُطْلَقَانِ عَلَى أَوْلَادِ الْغَنَمِ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مَعَ شُمُولِ الْحَدِيثِ لَهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute