للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ قَضَاءَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ أَوْ (خَالَفَهُ رَاوِيهِ) فَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَالَفَهُ لِدَلِيلٍ، قُلْنَا فِي ظَنِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا كَمَا سَيَأْتِي، مِثَالُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ «أَمَرَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ: وَالصَّحِيحُ عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ خَالَفَهُ رَاوِيهِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ اتِّفَاقًا (أَوْ عَارَضَ الْقِيَاسَ) يَعْنِي، وَلَمْ يَكُنْ رَاوِيهِ فَقِيهًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَيُقْبَلُ مَنْ لَيْسَ فَقِيهًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُرَجِّحُ احْتِمَالَ الْكَذِبِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ (وَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (فِي مُعَارِضِ الْقِيَاسِ) أَنَّهُ (إنْ عُرِفَتْ الْعِلَّةُ) فِي الْأَصْلِ (بِنَصٍّ رَاجِحٍ) فِي الدَّلَالَةِ (عَلَى الْخَبَرِ) الْمُعَارِضِ لِلْقِيَاسِ (وَوُجِدَتْ قَطْعًا فِي الْفَرْعِ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ الْخَبَرُ الْمُعَارِضُ لِرُجْحَانِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (أَوْ ظَنًّا فَالْوَقْفُ) عَنْ الْقَوْلِ بِقَبُولِ الْخَبَرِ أَوْ عَدَمِ قَبُولِهِ لِتَسَاوِي الْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْعِلَّةُ بِنَصٍّ رَاجِحٍ بِأَنْ عُرِفَتْ بِاسْتِنْبَاطٍ أَوْ نَصٍّ مُسَاوٍ أَوْ مَرْجُوحٍ (قَبْلَ) أَيْ الْخَبَرِ مِثَالُ الْخَبَرِ الْمُعَارِضِ لِلْقِيَاسِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ:، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ قَضَاءَ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْوَهَنِ مَعَ فَرْضِ عُمُومِ الْبَلْوَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالصَّحِيحُ إلَخْ) فَالتَّمْثِيلُ السَّابِقُ عَلَى غَيْرِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ فِيمَا يَأْتِي يُقَيِّدُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْفَقِيهِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ غَيْرِ الْفَقِيهِ مَعْنًى، وَالْوَاقِعُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَجَعْلِ مَفْهُومِ مَا يَأْتِي قَرِينَةَ ذَلِكَ الْحَمْلِ حَتَّى يَنْدَفِعَ عَنْ الْمُصَنِّفِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ تَرَكَ مِنْ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ هَذَا التَّقْيِيدَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ بِلَا قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَارَضَ الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا وَثَانِيهَا) مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَمَل بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِرُجْحَانِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ لِاعْتِضَادِ الْقِيَاسِ بِالْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ الْمَقْطُوعِ بِهَا مِنْ الشَّرْعِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مَظْنُونٌ وَالْمَظْنُونُ لَا يُعَارِضُ الْمَعْلُومَ وَتَمَسَّكَتْ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَ اعْتِبَارَ الْأُصُولِ نَصُّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَأَجَابُوا عَنْ تَقْدِيمِ الْحَنَفِيَّةِ الْقِيَاسَ لِلْقَطْعِ بِالْأُصُولِ وَكَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَظْنُونًا بِأَنَّ تَنَاوُلَ الْأَصْلِ لِمَحَلِّ خَبَرِ الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ لِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ مَحَلِّ الْخَبَرِ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ. اهـ. نَجَّارِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِتَسَاوِي الْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ) ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لِكَوْنِهِ آحَادًا يُفِيدُ ظَنَّ ثُبُوتِ حُكْمِهِ وَالْقِيَاسَ لِكَوْنِ ثُبُوتِ الْعِلَّةِ فِيهِ مَظْنُونًا يُفِيدُ الظَّنَّ بِثُبُوتِ حُكْمِهِ وَالدَّلِيلُ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعِلِّيَّةُ لَا ثُبُوتُ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ أَيْضًا اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْعِلَّةُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي الْفَرْعِ قَطْعًا إذْ لَا أَثَرَ لِلْقَطْعِ بِوُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ رُجْحَانِ نَصِّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَصٍّ مُسَاوٍ) قَدْ يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي فِيهِ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ التَّسَاوِي وَإِذَا قَطَعَ بِثُبُوتِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ فَيَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْوَقْفِ لَكِنْ قَدْ يَتَرَجَّحُ الْخَبَرُ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْوَسَائِطِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْقِيَاسِ اهـ. نَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: قُبِلَ) أَيْ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْخَبَرِ لَيْسَتْ بِوَاسِطَةِ قِيَاسٍ بَلْ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>