للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْذُورِ السَّابِقِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الصِّغَرَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الضَّبْطِ وَالتَّحَرُّزِ وَيَسْتَمِرُّ الْمَحْفُوظُ إذْ ذَاكَ، وَلَوْ تَحَمَّلَ الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ فَأَدَّى قُبِلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا الْفَاسِقُ يَتَحَمَّلُ فَيَتُوبُ فَيُؤَدِّي يُقْبَلُ (وَيُقْبَلُ مُبْتَدِعٌ) لَا يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ (يَحْرُمُ الْكَذِبُ) لَا مِنْهُ فِيهِ مَعَ تَأْوِيلِهِ فِي الِابْتِدَاعِ سَوَاءٌ دَعَا النَّاسَ إلَيْهِ أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا لِابْتِدَاعِهِ الْمُفَسِّقَ لَهُ (وَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (مَالِكٍ) يُقْبَلُ (إلَّا الدَّاعِيَةَ) أَيْ الَّذِي يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ أَنْ يَضَعَ الْحَدِيثَ عَلَى وَفْقِهَا أَمَّا مَنْ يُجَوِّزُ الْكَذِبَ فَلَا يُقْبَلُ كُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ أَمْ لَا، وَكَذَا مَنْ يُحَرِّمُهُ وَكُفِّرَ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِعِظَمِ بِدْعَتِهِ وَالْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ عَلَى قَبُولِهِ

ــ

[حاشية العطار]

رِقِّهِ، ثُمَّ أَعَادُوهَا حَالَ كَمَالِهِمْ بِالْإِسْلَامِ فِي الْأَوَّلِ وَالْبُلُوغِ فِي الثَّانِي وَالْعِتْقِ فِي الثَّالِثِ قُبِلَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ كَافِرٌ مُسِرٌّ أَوْ فَاسِقٌ، ثُمَّ أَعَادَهَا حَالَ الْإِسْلَامِ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّوْبَةِ فِي الثَّانِي فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الرِّوَايَةَ كَالشَّهَادَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَضْيَقُ.

وَأَمَّا فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِثْلُهَا وَيُحْتَمَلُ الْقَبُولُ فِيهَا وَيُفَرَّقُ بِضِيقِ بَابِ الشَّهَادَةِ وَوُسْعِ بَابِ الرِّوَايَةِ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ جَرَّتْ نَفْعًا لِلشَّاهِدِ، وَتُقْبَلُ رِوَايَةٌ جَرَّتْ نَفْعًا لِلرَّاوِي كَأَنْ يَرْوِيَ الْعَبْدُ خَبَرًا يَتَضَمَّنُ عِتْقَهُ وَيَسْتَمِرَّ الْمَحْفُوظُ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ مُتَحَمِّلًا عَلَى غَيْرِ ضَبْطٍ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) ظَرْفٌ لِلْمَحْفُوظِ أَيْ وَيَسْتَمِرُّ الَّذِي حَفِظَ وَقْتَ عَدَمِ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ: فَيَتُوبَ فَيُؤَدِّيَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِبْرَاءُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِ الشَّهَادَةِ بِضِيقِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي التَّقْرِيبِ: تُقْبَلُ رِوَايَةُ التَّائِبِ مِنْ الْفِسْقِ إلَّا الْكَذِبِ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُقْبَلُ التَّائِبُ مِنْهُ أَبَدًا، وَإِنْ حَسُنَتْ طَرِيقَتُهُ كَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ الشَّافِعِيُّ

(قَوْلُهُ: لَا مِنْهُ فِيهِ) أَيْ لَا مِنْ الْكَذِبِ فِي الْمُبْتَدَعِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ دَعَا النَّاسَ إلَيْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: الْمُفَسِّقَ لَهُ) فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِسْقٍ لَا يَمْنَعُ الرِّوَايَةَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُفَسَّقُهُ مِمَّا لَا تُرَدُّ بِهِ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي يَدْعُو إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ التَّاءَ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ كَرَاوِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا يُوجِبُ رَدَّ الْحَدِيثِ الْمُوَافِقِ لِبِدْعَتِهِ وَالْكَلَامِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا انْفَتَحَ بَابُ الْوَضْعِ فِيمَا وَافَقَ بِدْعَتَهُ صَارَ غَيْرَ مَأْمُونٍ مِنْ الْوَضْعِ فِي غَيْرِهِ فَلَمْ يَوْثُقْ بِهِ فِي الْجَمِيعِ وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّفْوِيتِ مِنْ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ احْتَجَّا بِالدُّعَاةِ فَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِعِمْرَانَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ مِنْ الدُّعَاةِ وَاحْتَجَّا بِعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ وَكَانَ دَاعِيَةً إلَى الْأَرْجَاءِ.

وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ أَبَا دَاوُد قَالَ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ ذَكَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ قَالَ، وَلَمْ يَحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِعَبْدِ الْحَمِيدِ بَلْ أَخْرَجَ لَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ (قَوْلُهُ: مَنْ يُجَوِّزُ الْكَذِبَ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ إذْ الْمُجَوِّزُ لَهُ مُطْلَقًا كَافِرٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَكْثَرِ) ظَرْفٌ لِلْعَامِلِ فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا وَهُوَ نَفْيُ الْقَبُولِ الْمُقَدَّرِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَيُقَابِلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعِهِ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِتَكْفِيرِ الْمُجَسِّمِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِهِ لَا عَلَى تَكْفِيرِهِ لِمَا نَقَلَهُ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُكَفِّرُونَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَصْحَابِهِ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي رَجَعْت عَنْ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنِّي رَأَيْتُهُمْ كُلَّهُمْ يُشِيرُونَ إلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ اهـ. مِنْ النَّجَّارِيِّ

(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ، وَإِنْ كَفَرَ بِبِدْعَتِهِ لَا مِنْ الْكَذِبِ فِيهِ وَلِأَنَّ كُفْرَهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ بَلْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِاَللَّهِ، وَالْجَهْلُ بِاَللَّهِ كُفْرٌ وَيَسْتَلْزِمُ إيقَاعَ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَهُوَ الْجِسْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>