لَا مِنْ الْكَذِبِ فِيهِ (وَ) يُقْبَلُ (مَنْ لَيْسَ فَقِيهًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ)
ــ
[حاشية العطار]
الْمُعْتَقَدُ فِيهِ الْأُلُوهِيَّةُ عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. مِنْ النَّجَّارِيِّ.
وَفِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ نَقْلًا عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ كُلُّ مُكَفَّرٍ بِبِدْعَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي أَنَّ مُخَالِفِيهَا مُبْتَدِعَةٌ، وَقَدْ تُبَالِغُ فَتُكَفِّرُ فَلَوْ أُخِذَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَاسْتَلْزَمَ تَكْفِيرَ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي تُرَدُّ رِوَايَتُهُ مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُتَوَاتِرًا مِنْ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَوْ اعْتَقَدَ عَكْسَهُ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ ضَبْطُهُ لِمَا يَرْوِيهِ مَعَ وَرَعِهِ وَتَقْوَاهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهِ اهـ.
(مُهِمَّتَانِ) الْأُولَى قَوْلُهُمْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا بَيَّنَّاهُ الثَّانِيَةُ التَّكْفِيرُ بِالْعَقَائِدِ لَا سِيَّمَا مَسْأَلَةُ الْكَلَامِ أَمْرٌ مُسْتَفِيضٌ فِيهِ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ حَتَّى نَقَلَ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ أَنَّ الْقَائِلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ يَكْفُرُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنَعَ تَأْوِيلَ الْبَيْهَقِيّ لَهُ بِكُفْرَانِ النِّعْمَةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ حَفْصٍ الْفَرْدِ لَمَّا أَفْتَى بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَهَذَا رَدٌّ لِلتَّأْوِيلِ اهـ.
مَعَ أَنَّ مُحَقِّقِي أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّفْظَ حَادِثٌ فَلَوْ أَخَذْنَا بِظَاهِرِ مَقَالَاتِهِمْ لَلَزِمَ تَكْفِيرُ جَمٍّ غَفِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ فِي عَصْرِنَا، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِتَكْفِيرِ بَعْضِ مَنْ أَلَّفَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَأُلِّفَتْ رَسَائِلُ وَانْحَسَمَتْ عَلَى يَدِ الْفَقِيرِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ بَعْدَ كَثْرَةِ قِيلٍ وَقَالَ، وَقَدْ كَفَّرَ الْإِمَامُ السَّنُوسِيُّ ابْنَ سِينَا وَالْفَارَابِيَّ بِمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْكُبْرَى، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهِ وَنَقَلُوا عَنْ ابْنِ سِينَا أَنَّهُ يُنْكِرُ الْحَشْرَ الْجُسْمَانِيَّ مَعَ أَنَّ أَفَاضِلَ الْمُتَكَلِّمِينَ نَقَلُوا عَنْهُ أَنَّهُ أَثْبَتَهُ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ وَرَأَيْتُهُ أَنَا مَسْطُورًا فِيهِ، وَلَوْلَا مُخَالَفَةُ التَّطْوِيلِ لَنَقَلْتُهُ وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ تَوَسَّعُوا فِي التَّكْفِيرِ حَتَّى أَلَّفُوا رَسَائِلَ ذَكَرُوا فِيهَا أَشْيَاءَ لَا تُكَفِّرُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِمْ مَثَلًا عَلِيٌّ الْقَارِي فِي شَرْحِ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ بِمَا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ صَالِحُ بْنُ الْمَهْدِيِّ الْيَمَنِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِالْعِلْمِ الشَّامِخِ، وَلَمْ أَرَ التَّكْفِيرَ سَهُلَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ فِي مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ بِكُلِّ لَازِمٍ، وَلَوْ فِي غَايَةِ الْغُمُوضِ وَضَعَ بَعْضُ النَّاسِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ مُتَفَقِّهَتِهِمْ نَعْلَهُ فَقَالَ: كَفَرْت؛ لِأَنَّك أَهَنْت الْعُلَمَاءَ، وَهُوَ إهَانَةُ الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ لِلرَّسُولِ ثُمَّ لِلْمُرْسِلِ وَنَحْوَ هَذَا يَفْعَلُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفَعَلَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا مِنْ مُنْكَرَاتِ الدَّوْلَةِ فَقَالَ الْمَظْلُومُ: هَذَا ظُلْمٌ وَحَاشَا السُّلْطَانَ مِنْ الْأَمْرِ وَالرِّضَا بِهِ فَقَالَ: أَنَا خَادِمٌ لِلدَّوْلَةِ الْمُنْتَمِيَةِ إلَى السُّلْطَانِ فَقَدْ نَسَبْت الظُّلْمَ إلَى السُّلْطَانِ فَأَهَنْت مَا عَظَّمَتْ الشَّرِيعَةُ مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَكَفَرْت، وَأَخَذُوهُ وَجَاءُوا بِهِ إلَى الْقَاضِي وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ، ثُمَّ جَدَّدَ إسْلَامَهُ، وَفَعَلَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ وَهَاتَانِ الْحِكَايَتَانِ فِي مَكَّةَ فِي عَصْرِنَا مُجَرَّدُ مِثَالٍ، وَلَمْ تَزَلْ أَلْسِنَتُهُمْ رَطْبَةً بِذَلِكَ قَالَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ لِأَبِي شَكُورٍ السَّالِمِيِّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَإِذَا هُوَ لَمْ يَكَدْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَحَدٌ مِنْ التَّكْفِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَخْ بِقَوْلِ قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كَذَا وَقَالَتْ الْأَشَاعِرَةُ وَقَالَتْ الْفُلَانِيَّةُ، وَلَا يَزَالُ يَحْكُمُ بِالْكُفْرِ اهـ.
(تَذْيِيلٌ) قَالَ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رِوَايَةُ الرَّافِضَةِ وَسَابِّ السَّلَفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي مَسَائِلِ الْإِفْتَاءِ، وَإِنْ سَكَتَ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِاسْتِبَابِهِمْ إحَالَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ سِبَابَ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ فَالصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فَقَالَ: الْبِدْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صُغْرَى فَالتَّشَيُّعُ بِلَا غُلُوٍّ أَوْ بِغُلُوٍّ كَمَنْ تَكَلَّمَ فِي حَقِّ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا فَهَذَا فِي التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مَعَ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالصِّدْقِ فَلَوْ رُدَّ هَؤُلَاءِ لَذَهَبَ جُمْلَةٌ مِنْ الْآثَارِ، ثُمَّ بِدْعَةٌ كُبْرَى كَالرَّفْضِ الْكَامِلِ وَالْغُلُوُّ فِيهِ وَالْحَطُّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالدُّعَاءُ إلَى ذَلِكَ فَهَذَا النَّوْعُ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ، وَلَا كَرَامَةَ وَأَيْضًا فَمَا اسْتَحْضَرَ الْآنَ فِي هَذَا الضَّرْبِ رَجُلًا صَادِقًا وَلَا مَأْمُونًا بَلْ الْكَذِبُ شِعَارُهُمْ وَالثَّغْيَةُ وَالنِّفَاقُ دِثَارُهُمْ اهـ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ خِلَافَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الرَّافِضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute