للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا تَقَدَّمَ مَعَ جَوَابِهِ (وَ) يُقْبَلُ (الْمُتَسَاهِلُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ) بِأَنْ يَتَجَوَّزَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مِنْ الْخَلَلِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُتَسَاهِلِ فِيهِ فَيُرَدُّ (وَقِيلَ: يُرَدُّ) الْمُتَسَاهِلُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّسَاهُلَ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ يَجُرُّ إلَى التَّسَاهُلِ فِيهِ (وَ) يُقْبَلُ (الْمُكْثِرُ) مِنْ الرِّوَايَةِ (وَإِنْ نَدَرَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلْمُحَدِّثِينَ) أَيْ وَالْحَالُ كَذَلِكَ لَكِنْ (إذَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْقَدْرِ) الْكَثِيرِ الَّذِي رَوَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ (فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ) الَّذِي خَالَطَ فِيهِ الْمُحَدِّثِينَ فَإِنْ لَمْ يُمَكَّنْ فَلَا يُقْبَلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَوَاهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ فِي بَعْضٍ لَا تُعْلَمُ عَيْنُهُ.

(وَشَرْطُ الرَّاوِي الْعَدَالَةُ وَهِيَ مَلَكَةٌ) أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ (تَمْنَعُ عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ) وَتَطْفِيفِ تَمْرَةٍ (وَالرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ) أَيْ الْجَائِزَةِ (كَالْبَوْلِ فِي الطَّرِيقِ) الَّذِي هُوَ مَكْرُوهٌ وَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ لِغَيْرِ سُوقِيٍّ

ــ

[حاشية العطار]

عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالتَّرَخُّصُ مُطْلَقًا إلَّا مَنْ يَكْذِبُ وَيَضَعُ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَارِفِ بِمَا يُحَدِّثُ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّافِضَةِ فَقَالَ لَا تُكَلِّمُهُمْ، وَلَا تَرْوِ عَنْهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ أَرَ أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنْ الرَّافِضَةِ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ نَكْتُبُ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إلَّا الرَّافِضَةَ وَقَالَ شَرِيكٌ أَحْمِلُ الْعِلْمَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُهُ إلَّا الرَّافِضَةَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَا تُحَدِّثُوا عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ مَعَ جَوَابِهِ) أَيْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُرَجِّحُ احْتِمَالَ الْكَذِبِ وَجَوَابُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَالْحَالُ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ نَدَرَتْ لِلْحَالِ لَا لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ مُضَافٍ لِلْمَعْطُوفِ، وَالتَّقْدِيرِ وَيُقْبَلُ الْمُكْثِرُ إنْ كَثُرَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلْمُحَدِّثَيْنِ، وَإِنْ نَدَرَتْ إذَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَيَصِيرُ الشَّرْطُ، وَهُوَ إذَا أَمْكَنَ إلَخْ شَرْطًا فِي الْمُكْثِرِ بِقِسْمَيْهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّهَافُتِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إذْ لَا شَرْطَ مَعَ كَثْرَةِ الْمُخَالَطَةِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ قِلَّتِهَا. اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا أَمْكَنَ إلَخْ) هَذَا فِيمَنْ يَأْخُذُ الْحَدِيثَ بِالسَّمَاعِ، وَأَمَّا مَنْ أَجَازَهُ الشَّيْخُ بِجَمِيعِ مَرْوِيَّاتِهِ أَوْ أَعْطَاهُ أَصْلًا مُصَحَّحًا فَيُقْبَلُ، وَإِنْ اجْتَمَعَ لَحْظَةً بِالشَّيْخِ.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الرَّاوِي إلَخْ) أَيْ شَرْطُ قَبُولِ رِوَايَتِهِ وَقَوْلِهِ الْعَدَالَةُ أَيْ تَحَقُّقُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يُقْبَلُ الْمَجْهُولُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ بَلْ الْإِسْلَامُ كَمَا مَرَّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُبْتَدِعُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ قَبُولِ رِوَايَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَيْسَ فَاسِقًا (قَوْلُهُ: أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ) قَيْدٌ فِي تَسْمِيَةِ الْهَيْئَةِ النَّفْسَانِيَّةِ تُسَمَّى قَبْلَ رُسُوخِهَا حَالًا وَبَعْدَهُ مَلَكَةً قَالَ سم وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ ارْتِكَابِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَلَكَةٌ بَلْ بِمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ) أَيْ مَا هُوَ كَبِيرَةٌ عِنْدَ الْمُقْتَرِفِ فَدَخَلَ الْمُبْتَدِعُ فِي الْعَدْلِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ التَّزْكِيَةُ كَتَرْكِ الْفُرُوضِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ، وَهُوَ فِعْلٌ وَمَا فِي النَّاصِرِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ إضَافَةَ الِاقْتِرَافِ بِالْكَبَائِرِ تَقْتَضِي قَصْرَهَا عَلَى الْعَقْلِيَّةِ، وَأَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي النَّهْيِ التَّرْكُ وَالِاعْتِقَادُ فِعْلٌ كَمَا مَرَّ فَتَدْخُلُ فِيهَا هَذَا وَالْمَعْنَى عَنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَفْرَادَ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ آحَادٌ وَالْمُرَادُ اقْتِرَافُهَا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ مُسَوَّغٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَيُقْبَلُ مَنْ أَقْدَمَ جَاهِلًا عَلَى مُفَسِّقٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حَالُ مَنْ أَقْدَمَ نَاسِيًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ) التَّمْثِيلُ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّصَابِ فِي كَوْنِ السَّرِقَةِ كَبِيرَةً وَفِيهِ كَلَامٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّذَائِلُ الْمُبَاحَةُ) قَالَ سم يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْ اعْتِبَارِ اجْتِنَابِ ذَلِكَ فِي الْعَدَالَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ اعْتِبَارِ الْمُرُوءَةِ زِيَادَةً عَلَى الْعَدَالَةِ فِي الْقَبُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْفُرُوعِ

(قَوْلُهُ: أَيْ الْجَائِزَةِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ الْمَأْذُونِ فِي فِعْلِهِ لَا بِمَعْنَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ عَقِبَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: كَالْبَوْلِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ إيذَاءٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ) أَيْ وَلَمْ يَضْطَرَّهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ، وَإِلَّا فَلَا أَوْ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَأُذِّنَتْ الْمَغْرِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي السُّوقِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ صُبْحِ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ فِي السُّوقِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ سُوقِيٍّ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحُهَا أَلْحَنُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُلَازِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>