للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْنَى عَنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذُكِرَ فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْ ذَلِكَ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ أَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ كَكِذْبَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَرَرٌ وَنَظْرَةٍ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَنْعُ عَنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْهَا لَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ، وَفِي نُسْخَةٍ قَبِلَ الرَّذَائِلَ، وَهَوَى النَّفْسِ أَيْ اتِّبَاعَهُ، وَهُوَ مَأْخُوذُ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُتَّقِيَ لِلْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ مَعَ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ قَدْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ عِنْدَ وُجُودِهِ لِشَيْءٍ مِنْهَا فَيَرْتَكِبُهُ، وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ مَنْ عِنْدَهُ مَلَكَةٌ تَمْنَعُهُ عَنْ اقْتِرَافِ مَا ذُكِرَ يَنْتَفِي عَنْهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى لِشَيْءٍ مِنْهُ، وَإِلَّا لَوَقَعَ فِي الْمَهْوِيِّ فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَلَكَةٌ تَمْنَعُ مِنْهُ وَتَفَرَّعَ عَلَى شَرْطِ الْعَدَالَةِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يُقْبَلُ الْمَجْهُولُ بَاطِنًا، وَهُوَ الْمَسْتُورُ) لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ (خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ فُورَكٍ وَسُلَيْمٍ) أَيْ الرَّازِيّ فِي قَوْلِهِمْ بِقَبُولِهِ اكْتِفَاءً بِظَنِّ حُصُولِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ عَدَالَتِهِ فِي الظَّاهِرِ عَدَالَتُهُ فِي الْبَاطِنِ (وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُوقَفُ) عَنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ

ــ

[حاشية العطار]

السُّوقَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا، وَالْخَانَاتُ لَيْسَتْ مُلْحَقَةً بِالسُّوقِ وَأَكْلُ الْمُجَاوِرِ فِي الْأَزْهَرِ لَا يَفْسُقُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ وَقْتَ خَلْوَةٍ أَوْ لَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجَاوِرِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ خَلْوَةٍ فَلَا يَفْسُقُ، وَإِلَّا فَسَقَ وَكُلُّ ذَلِكَ مَرْجِعُهُ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: أَيْ اتِّبَاعِهِ) إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَى اقْتِرَافٍ أَيْ تَمْنَعُ مِنْ الِاقْتِرَافِ وَالِاتِّبَاعِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَوَى هُوَ الْمَحَبَّةُ وَهِيَ لِكَوْنِهَا فِعْلًا غَيْرَ مَقْدُورٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَكْلِيفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ اتِّبَاعٍ؛ لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ مَقْدُورُ الْعَبْدِ فَيَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ وَيُمْكِنُ أَيْضًا حَمْلُ الْهَوَى عَلَى الْمَهْوَى فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الِاتِّبَاعِ بِصِحَّةِ تَسَلُّطِ الِاقْتِرَافِ عَلَيْهَا قَالَهُ النَّجَّارِيُّ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ وُجُودِهِ لِشَيْءٍ) ضَمِيرُ وُجُودِهِ عَائِدٌ عَلَى هَوَاهُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِيَتَّبِعُ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ: يَنْتَفِي عَنْهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى بِشَيْءٍ مِنْهُ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُتَّقِي وَتَعَلَّقَ لِشَيْءٍ مِنْهَا لِوُجُودِهِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَلَكَةِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ وَالِدِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَقَالَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ لَا بُدَّ عِنْدِي فِي الْعَدَالَةِ مِنْ وَصْفٍ آخَرَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ عِنْدَ انْبِعَاثِ الْأَغْرَاضِ حَتَّى يَمْلِكَ نَفْسَهُ عَنْ اتِّبَاعِ هَوَاهُ فَإِنَّ الْمُتَّقِي لِلْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ الْمُلَازِمَ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَلِلْمُرُوءَةِ قَدْ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ مَا دَامَ سَالِمًا عَنْ الْهَوَى فَإِذَا غَلَبَهُ هَوَاهُ خَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَحَلَّ عِصَامَ التَّقْوَى فَقَالَ مَا يَهْوَاهُ، وَاتِّقَاءُ هَذَا الْوَصْفِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَدْلِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: ١٥٢] إلَى أَنْ قَالَ فَالْعَدَالَةُ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ تَحْمِلُ عَلَى الصِّدْقِ فِي الْقَوْلِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَعَدَمِ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَمُلَازَمَةِ الْمُرُوءَةِ وَالِاعْتِدَالِ عِنْدَ انْبِعَاثِ الْأَغْرَاضِ حَتَّى يَمْلِكَ نَفْسَهُ عَنْ اتِّبَاعِ هَوَاهُ فَهَلْ رَأَيْت مَنْ لَا يُقْدِمُ عَلَى ذَنْبٍ فِيمَا يَعْتَقِدُ، ثُمَّ يَسْتُرُ هَوَاهُ عَلَى عَقْلِهِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ:، وَإِلَّا لَوَقَعَ فِي الْمَهْوِيِّ) أَيْ، وَإِلَّا يَنْتَفِي عَنْهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى (قَوْلُهُ: وَتَفَرَّعَ عَلَى شَرْطِ الْعَدَالَةِ) أَيْ تَحَقُّقًا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْقَبُولِ أَوْ ظَنًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبُولِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الشَّرْعِ، وَفِي الثَّانِي الِاكْتِفَاءُ بِظَنِّ حُصُولِ الشَّرْطِ اهـ. نَجَّارِيٌّ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ الْمَجْهُولُ) لَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّهَادَةَ أَضْيَقُ مِنْ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ قَبِلَ الْفُقَهَاءُ شَهَادَةَ الْمَسْتُورِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَحُضُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةَ لِهِلَالِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لِمَدَارِكَ خَاصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ مَحَلِّهَا لَا يُنَافِي كَوْنَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقَ وَالرِّوَايَةِ أَوْسَعَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِ وَلَمَّا حَدَثَ بَعْدَهُ مَا حَدَّثَ بِهِ أَصْحَابَهُ مِنْ قَبُولِ الْمَجْهُولِ قَالَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِظَنِّ حُصُولِ إلَخْ) لَوْ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الشَّرْطَ ظَنُّ الْعَدَالَةِ لَا تَحَقُّقُهَا لَسَلِمُوا مِنْ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِمْ الشُّرُوطُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا وَكَوْنُ الشَّرْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>