للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ.

(وَيُقْبَلُ مَنْ أَقْدَمَ جَاهِلًا عَلَى) فِعْلٍ (مُفَسِّقٍ مَظْنُونٍ) كَشُرْبِ النَّبِيذِ (أَوْ مَقْطُوعٍ) كَشُرْبِ الْخَمْرِ (فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ أَمْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِارْتِكَابِ الْمُفَسِّقِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِي الْمَظْنُونِ دُونَ الْمَقْطُوعِ أَمَّا الْمُقْدِمُ عَلَى الْمُفَسِّقِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا.

(وَقَدْ اُضْطُرِبَ فِي الْكَبِيرَةِ فَقِيلَ:) هِيَ (مَا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ) فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ (وَقِيلَ:) هِيَ (مَا فِيهِ حَدٌّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُمْ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا أَمْيَلُ وَالْأَوَّلُ مَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهِمْ، وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ (وَ) قَالَ (الْأُسْتَاذُ) أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ: هِيَ (كُلُّ ذَنْبٍ

ــ

[حاشية العطار]

إنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى وَصْفِهِ بِالثِّقَةِ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ الرِّوَايَةُ لَازِمَةٌ لِلِاحْتِجَاجِ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لَكِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ (قَوْلُهُ:، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ) أَيْ دُونَ التَّعْبِيرِ بِالثِّقَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ أَبْلَغُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ النَّاصِرِ بِأَنَّ لَا أَتَّهِمُهُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ عَنْ الْعَدَالَةِ وَهِيَ أَبْلَغُ مِنْ الصَّرِيحِ فَلَا يَكُونُ دُونٌ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ غَرَضٍ لِغَرَضٍ آخَرَ فَإِنَّ هَذَا فِي خِطَابَاتِ الْبُلَغَاءِ، وَالْكَلَامُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْعَدَالَةِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لَفْظَ الثِّقَةِ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: جَاهِلًا) أَيْ جَهْلًا بَسِيطًا وَمُرَكَّبًا بِدَلِيلِ التَّعْمِيمِ، وَلَا قَيْدَ أَنْ يَقُولَ مَنْ أَقْدَمَ مَعْذُورًا أَيْ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُفَسِّقٍ) أَيْ لَوْ لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا، وَإِلَّا فَالْإِقْدَامُ مَعَ الْجَهْلِ يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُفَسِّقًا، وَقَدْ يُشْكِلُ تَقْدِيرُ الشَّارِحِ لَفْظَ الْفِعْلِ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ غَيْرُهُ كَالْقَوْلِ الْمُفَسِّقِ كَالْقَذْفِ جَاهِلًا بِحُرْمَتِهِ لِنَحْوِ قُرْبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: إمَّا مَقْطُوعٌ إلَخْ) اسْتَثْنَى مِنْ التَّدَيُّنِ بِالْكَذِبِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا، وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ إلَّا الْخَطَابِيَّةَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ إلَى الْمَظْنُونِ أَيْضًا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الصَّفِيِّ الْهِنْدِيِّ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ إلَى الْمَقْطُوعِ فَقَطْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمَحْصُولِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اعْتَقَدَ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْجَهْلُ بِالْحُرْمَةِ مُرَكَّبًا أَمْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا فَيَكُونُ الْجَهْلُ بَسِيطًا وَمِنْ ثَمَّ قُبِلَتْ رِوَايَةُ الْمُبْتَدِعِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الِابْتِدَاعِ لَيْسَ كَبِيرَةً عِنْدَهُ بَلْ يَعْتَقِدُ حَقِيقَةً فِي الْغَالِبِ فَيَكُونُ جَهْلُهُ مُرَكَّبًا فَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْعَدَالَةِ: إنَّهَا مَلَكَةٌ تَمْنَعُ عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ مَعْنَاهُ مَا هُوَ كَبِيرَةٌ عِنْدَ الْمُقْتَرِفِ فَيَدْخُلُ الْمُبْتَدِعُ بِشَرْطِهِ فِي الْعَدْلِ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَّصِفُ الْمُبْتَدِعُ بِالْعَدَالَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ مَعَ اقْتِرَافِهِ الْمُفَسِّقَ؟ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُفَسِّقٌ مَعَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْحُرْمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ وَيُقْبَلُ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُفَسِّقٍ إلَخْ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ:، وَقِيلَ: يُقْبَلُ فِي الْمَظْنُونِ دُونَ الْمَقْطُوعِ) ؛ لِأَنَّ الْمَظْنُونَ قِيلَ إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ فِيهِ مُصِيبٌ بِخِلَافِ الْمَقْطُوعِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ الْفَرْعِيَّاتِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأُصُولِ فَالْمُصِيبُ فِيهِ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ اتِّفَاقًا اهـ. نَجَّارِيٌّ (قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ كَمَا تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ كَثِيرًا.

(قَوْلُهُ:، وَقَدْ اُضْطُرِبَ فِي الْكَبِيرَةِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي تَعْرِيفِ الرَّاوِي (قَوْلُهُ: مَا تُوُعِّدَ عَلَيْهِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مُطْلَقِ الْوَعِيدِ الْوَارِدِ فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَهُمْ) أَيْ الْفُقَهَاءُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَكْثَرِهِمْ وَأَمَّا الضَّمِيرُ فِي: ذَكَرُوهُ فَرَاجِعٌ إلَى الْأُصُولِيِّينَ، وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ مَا لَا حَدَّ فِيهِ كَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَالْفِرَارِ يَوْمَ الزَّحْفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَفْصِيلِ) أَيْ تَعَدُّدِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهُمْ عَدُّوا مِنْهَا الرِّبَا بِالْمُوَحَّدَةِ وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَالْعُقُوقَ وَنَحْوَهَا، وَلَا حَدَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأُسْتَاذُ إلَخْ) قَدَّرَ الشَّارِحُ قَالَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأُسْتَاذَ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَائِبَ فَاعِلٍ قِيلَ: (قَوْلُهُ: وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ: إنَّ الْكَبِيرَةَ مَا يَلْحَقُ صَاحِبَهَا الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ سَوَاءٌ وَجَبَ فِيهَا حَدٌّ أَمْ لَمْ يَجِبْ كَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَهُوَ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ لَهُمْ وَإِنَّهُ أَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>