وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى دَفْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِرَّ.
(وَأَمَّا) الِاتِّفَاقُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ (مِنْهُمْ) هُوَ قَيْدٌ لِلِاتِّفَاقِ الْمُقَدَّرِ (فَمَنَعَهُ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ مُطْلَقًا (وَجَوَّزَ الْآمِدِيُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ) يَجُوزُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ) فِي الِاخْتِلَافِ (قَاطِعًا) فَلَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ الْقَاطِعِ وَاحْتَجَّ الْمَانِعُ بِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ يَتَضَمَّنُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْخِلَافِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ بَعْدُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ.
وَأَجَابَ الْمُجَوِّزُ بِأَنَّ تَضَمُّنَ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ بَعْدُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ فَإِذَا وُجِدَ
ــ
[حاشية العطار]
الَّذِي اقْتَضَاهُ ذَلِكَ الْمُسْتَنَدُ أَوْ الْمَعْنَى يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ) أَيْ لِمَا رُوِيَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ يُدْفَنُ حَيْثُ مَاتَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ) بِأَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْخِلَافِ زَمَنٌ يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ كُلَّ قَائِلٍ مُصَمِّمٌ عَلَى قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ) أَيْ مُسْتَنَدُ الْمُخَالِفِينَ الَّذِينَ رَجَعُوا (قَوْلُهُ: قَاطِعًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ نَظَرِ الْقَائِلِ بِهِ إذْ لَوْ كَانَ قَاطِعًا حَقِيقَةً مَا أَمْكَنَ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَ أَحَدِ الْمُخَالِفِينَ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ إلَخْ) لِأَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ يَخْرِقُ الْإِجْمَاعَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute