(وَ) مَنَعَهُ (ابْنُ عَبْدَانِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ) لِوُقُوعِ حَادِثَةٍ لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ فِيهَا فَيَجُوزُ الْقِيَاسُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَقَعْ فَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ قُلْنَا فَائِدَتُهُ الْعَمَلُ بِهِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ (وَ) مَنَعَهُ (قَوْمٌ فِي الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ) قَالُوا لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِيهَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ إذْ يَكُونُ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا هُوَ السَّبَبُ وَالشَّرْطُ وَالْمَانِعُ لَا خُصُوصُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَوْ الْمَقِيسِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُخْرِجُهَا عَمَّا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى مُشْتَرَكٌ فِيهِ كَمَا هُوَ عِلَّةٌ لَهَا يَكُونُ عِلَّةً لِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِثَالُهُ فِي السَّبَبِ قِيَاسُ اللِّوَاطِ عَلَى الزِّنَا بِجَامِعِ إيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا مُشْتَهًى طَبْعًا (وَ) مَنَعَهُ (قَوْمٌ فِي أُصُولِ الْعِبَادَاتِ) فَنَفَوْا جَوَازَ الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ الْمَقِيسَةِ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ بِجَامِعِ الْعَجْزِ. قَالُوا لِأَنَّ الدَّوَاعِيَ تَتَوَفَّرُ عَلَى نَقْلِ أُصُولِ الْعِبَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَعَدَمُ نَقْلِ الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهَا فَلَا يَثْبُتُ جَوَازُهَا بِالْقِيَاسِ وَدَفْعُ ذَلِكَ بِمَنْعِهِ ظَاهِرٌ
(وَ) مَنَعَ (قَوْمٌ) الْقِيَاسِ الْجُزْئِيَّ (الْحَاجِيُّ) أَيْ الَّذِي تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى مُقْتَضَاهُ (إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ عَلَى وَفْقِهِ) فِي مُقْتَضَاهُ (كَضَمَانِ الدِّرْعِ) وَهُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا الْقِيَاسَ يَقْتَضِي مَنْعَهُ
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ) أَيْ مَنَعَ الِاشْتِغَالَ بِهِ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدَانَ) هُوَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظَةِ فِيمَا وَتَأَخُّرُ الْقِيَاسِ إلَى الْوُقُوعِ فَلَا يُوجَدُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقِيَاسِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: إذْ يَكُونُ إلَخْ) مَثَلًا الزِّنَا سَبَبٌ لِلْحَدِّ فَقِيسَ عَلَيْهِ اللِّوَاطُ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ أَيْضًا فَالْمَانِعُ الْقِيَاسَ يَقُولُ الْقِيَاسُ فِي السَّبَبِ يُخْرِجُهُ عَنْ السَّبَبِيَّةِ إذْ يَكُونُ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ إيلَاجُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا مُشْتَهًى طَبْعًا هُوَ السَّبَبَ فِي الْحَدِّ لَا خُصُوصَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ الزِّنَا أَوْ الْمَقِيسُ وَهُوَ اللِّوَاطُ وَكَالْإِسْكَارِ فِي قِيَاسِ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْحَدِّ (قَوْلُهُ: الْمَقِيسِ عَلَيْهِ) كَمَا هُوَ الْفَرْضُ بِالْفَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَقِيسِ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ بِالْغَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ عِلَّةٌ لَهَا) أَيْ لِجَعْلِهَا أَسْبَابًا وَشُرُوطًا وَمَوَانِعَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْجَامِعَ هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: مِثَالُهُ فِي السَّبَبِ إلَخْ) وَمِثَالُهُ فِي الشَّرْطِ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ الْجَلْدُ فِي الزِّنَا عُقُوبَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِسْلَامُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْمِ وَمِثَالُ الْمَانِعِ قِيَاسُ مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِنْ اسْتِدَامَةِ مِلْكِ الصَّيْدِ قِيَاسًا عَلَى مَنْعِهِ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ بِجَامِعِ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ
١ -
(قَوْلُهُ:) (بِالْإِيمَاءِ) أَيْ بِالْإِيمَاءِ بِالْحَاجِبِ وَنَحْوِهِ لَا بِالرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَعَلَيْهِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى صَلَاةِ الْمُومِئِ بِرَأْسِهِ اهـ زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَاسِ فِي أُصُولِ الْعِبَادَاتِ أَعَمُّ مِنْ الْقِيَاسِ فِي نَفْسِهَا أَوْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْإِيمَاءِ فِي الْمِثَالِ وَفِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْمِثَالِ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَدَفْعُ ذَلِكَ بِمَنْعِهِ ظَاهِرٌ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ النَّقْلِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِهَا بَلْ عَلَى عَدَمِ الِاطِّلَاعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُجُودِ فِي الْوَاقِعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَ قَوْمٌ الْقِيَاسَ الْجُزْئِيَّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لِلْأُصُولِيِّينَ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ ابْنُ الْوَكِيلِ اهـ زَكَرِيَّا.
وَالتَّقْيِيدُ بِالْجُزْئِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مَنْعَ الْقِيَاسِ الْجُزْئِيِّ مِنْ حَيْثُ إفْرَادُهُ بِدَلِيلِ الْأَمْثِلَةِ لَا مِنْ حَيْثُ مَاهِيَّتُه الْكُلِّيَّةُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ عِنْدَ الْوُرُودِ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ الْأَصْلِ شَامِلًا لِلْفَرْعِ اهـ.
وَأَقُولُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ