للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعُمُومِ

الْحَاجَةِ

إلَيْهِ لِمُعَامَلَةِ الْغُرَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ حَيْثُ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَالْمِثَالُ غَيْرُ مُطَابِقٍ فَإِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ فِيهِ إلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ إلَّا أَنْ يُفَسَّرَ قَوْلُهُ الْحَاجِيَّ بِمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى خِلَافِهِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ ابْنِ الْوَكِيلِ، وَقَدْ قَالَ قَاعِدَةُ الْقِيَاسِ الْجُزْئِيِّ إذَا لَمْ يَرِدْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانٌ عَلَى وَفْقِهِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي زَمَانِهِ أَوْ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى خِلَافِهِ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الْقِيَاسِ؟ فِيهِ خِلَافٌ وَذَكَرَ لَهُ صُوَرًا مِنْهَا ضَمَانُ الدَّرْكِ ذَكَرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مِثَالٌ لِلشِّقِّ الثَّانِي مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ صَلَاةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَغُسِّلُوا وَكُفِّنُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الْقِيَاسُ يَقْتَضِي جَوَازَهَا وَعَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ لِذَلِكَ لِنَفْعِ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَرِدْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانٌ لِذَلِكَ وَوَجْهُ مَنْعِ الْقِيَاسِ فِي الشَّيْءِ الْأَوَّلِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَفِي الثَّانِي

ــ

[حاشية العطار]

بِنَظَرِ الْعَامَّةِ الْمَوْسُومِ بِمَا يُسَمَّى الْعِلْمَ إمَّا أَنْ يَتَسَتَّرَ بِالسُّكُوتِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الشَّيْخَ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ يَهْذُو بِمَا تَمُجُّهُ الْأَسْمَاعُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ وَقَالُوا سَكِرْنَا بِحُبِّ الْإِلَهِ وَمَا أَسْكَرَ الْقَوْمَ إلَّا الْقَطْعُ فَحَالُنَا الْآنَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ بِبَغْدَادَ مَا فِي الدِّيَارِ أَخُو وَجْدٍ نُطَارِحُهُ حَدِيثَ نَجْدٍ وَلَا خِلٌّ نُجَارِيهِ

وَهَذِهِ نَفْثَةُ مَصْدُورٍ فَنَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَاللُّطْفَ.

(قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) فِيهِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ عُمُومَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَضْمَنَهُ لَهُ أَحَدٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمُعَامَلَةِ الْغُرَبَاءِ فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ) نَعْتٌ لِقَبْضِ وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَخْرُجُ ظَرْفٌ لِلْوُجُوبِ فَهُوَ سَبَبٌ مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَخْ) أَيْ وَالْمُمَثِّلُ لَهُ مَا اقْتَضَتْ الْحَاجَةُ فِيهِ إلَى الْقِيَاسِ.

١ -

(فَائِدَةٌ) يُشْبِهُ هَذَا التَّعْلِيلُ قَاعِدَةً ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهِيَ أَنَّ دَاعِيَةَ الطَّبْعِ تُجْزِي عَنْ تَكْلِيفِ الشَّرْعِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْوَازِعُ الطَّبِيعِيُّ مُغْنٍ عَنْ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ قَالَ وَعَبَّرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُحَالُ عَلَى طَبْعِهِ مَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُرَتِّبْ الشَّارِعُ عَلَى شُرْبِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَأَكْلِ الْعُذْرَةِ وَالْمَنِيِّ حَدًّا اكْتِفَاءً بِنَفْرَةِ الطِّبَاعِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لِقِيَامِ بَوَاعِثِهَا فَلَوْلَا الْحَدُّ لَعَمَّتْ مَفَاسِدُهَا قَالَ وَفِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْهَا لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَشَذَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْوَطْأَةِ الْأُولَى لِتَقْرِيرِ الْمَهْرِ، وَمِنْهَا إقْرَارُ الْفَاسِقِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَرْدَعُهُ عَنْ الْكَذِبِ فِيمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ أَوْ عِرْضَهُ، وَمِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ عَلَى وَجْهٍ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ رَادِعٌ عَنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ وَمَا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ، وَمِنْهَا أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَمُسْتَنَدُ هَذَا الْوَجْهِ النَّظَرُ إلَى بَقَاءِ النَّسْلِ

وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَقَالَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الشَّهْوَةِ مَا يَبْعَثُهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِهِ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُحَالُ عَلَى طَبْعِهِ مَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ، ثُمَّ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إلَى قِتَالِ أَهْلِ قُطْرٍ رَغِبُوا عَنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا اهـ. بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: بِمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى خِلَافِهِ) أَيْ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ ثُبُوتًا وَنَفْيًا قَالَ الْكَمَالُ وَيَرِدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ التَّمْثِيلُ أَيْضًا بِضَمَانِ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ مَنْعُ الْقِيَاسِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّتُهُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَنْعُ الْقِيَاسِ فِيهِ مَرْجُوحًا (قَوْلُهُ: فِي زَمَانِهِ) أَيْ زَمَنَ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْحَاجَةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الْقِيَاسِ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ) أَيْ ابْنُ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لِلشِّقِّ الثَّانِي) أَيْ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَكَفَّنُوا) لَيْسَ قَيْدًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْفُرُوعِ فَهُوَ قَيْدٌ لِوُقُوعِهَا كَامِلَةً إذْ الصَّلَاةُ بِلَا تَكْفِينٍ مَكْرُوهَةٌ قَالَهُ زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَاسِ) يَقْتَضِي جَوَازَهَا قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّجَاشِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الَّذِي تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِعُمُومِ الْحَاجَةِ) فَإِنَّ الْأَدِلَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>