للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَارَضَةُ عُمُومِ الْحَاجَةِ لَهُ وَالْمُجِيزُ فِي الْأَوَّلِ قَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ضَمِّ دَلِيلٍ آخَرَ وَفِي الثَّانِي قُدِّمَ الْقِيَاسُ عَلَى عُمُومِ الْحَاجَةِ (وَ) مَنَعَ (آخَرُونَ) الْقِيَاسِ (فِي الْعَقْلِيَّاتِ) قَالُوا لِاسْتِغْنَائِهَا عَنْهُ بِالْعَقْلِ وَمَنْ أَجَازَ قَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ضَمِّ دَلِيلٍ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ مِثَالُ ذَلِكَ قِيَاسُ الْبَارِئِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ فِي أَنَّهُ يَرَى بِجَامِعِ الْوُجُودِ إذْ هُوَ عِلَّةُ الرُّؤْيَةِ (وَ) مَنَعَهُ (آخَرُونَ فِي النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ بَقَاءِ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِأَنْ يَنْتَفِيَ الْحُكْمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ الْمُجْتَهِدُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ فَإِذَا وُجِدَ شَيْءٌ يُشْبِهُ ذَلِكَ لَا حُكْمَ فِيهِ قِيلَ لَا يُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْقِيَاسِ بِالنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، وَقِيلَ يُقَاسُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ضَمِّ دَلِيلٍ إلَى آخَرَ (وَتَقَدَّمَ قِيَاسُ اللُّغَةِ) فِي مَبْحَثِهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ هُنَاكَ أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ مُعْظَمِهِمْ لَهُ هُنَا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ أَغْفَلَهُ

(وَالصَّحِيحُ) أَنَّ الْقِيَاسَ (حُجَّةٌ) لِعَمَلِ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِ مُتَكَرِّرًا شَائِعًا مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ

ــ

[حاشية العطار]

الْعَامَّةَ دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ مَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَعَدَمُ التَّضْيِيقِ بِالْمَنْعِ مِنْهُ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ» .

وَحَدِيثِ أَحْمَدَ «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بِنَاءِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ وَالتَّوْسِيعِ الْمُنَافِي لِلتَّضْيِيقِ (قَوْلُهُ: مُعَارَضَةُ عُمُومِ الْحَاجَةِ) لَهُ مُتَعَلِّقُ الْحَاجَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُعَارَضَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُجِيزُ) أَيْ الْقِيَاسُ فِي الْأَوَّلِ قَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ضَمِّ دَلِيلٍ أَيْ كَالْقِيَاسِ إلَى آخَرَ كَعُمُومِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْقِيَاسُ عَلَى عُمُومِ الْحَاجَةِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدِّمُ لَهُ قَائِلًا بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرْكِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَأَنْ يَكُونَ قَائِلًا بِصِحَّتِهِ مُسْتَثْنِيًا لَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ كَأَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ قِيَاسُ الْبَارِئِ إلَخْ) هَذَا الْقِيَاسُ يُسَمَّى عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ قِيَاسُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ وَالْمَطْلُوبُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهِ فِيهَا الْيَقِينُ مَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْغَائِبِ إسَاءَةُ أَدَبٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَيْ الْغَائِبُ عَنْ الْعُيُونِ فِي دَارِ الدُّنْيَا إلَّا لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ كَمَّلَ الرُّسُلَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَرْطَ الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مُشْتَرَكًا وَالْوُجُودُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ عَيْنُ الْمَوْجُودِ (قَوْلُهُ: وَفِي النَّفْيِ الْأَصْلُ) أَيْ فِي صَاحِبِ النَّفْيِ؛ لِأَنَّا لَا نَقِيسُ نَفْيًا عَلَى نَفْيٍ بَلْ نَقِيسُ شَيْئًا لَمْ نَجِدْ فِيهِ حُكْمًا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ النَّفْيِ فِي الْحُكْمِ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ لِعَدَمِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيُسْتَصْحَبُ النَّفْيُ عَلَى مَا كَانَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ بَقَاءِ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْتَفِيَ الْحُكْمُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ أَيْ مُدْرَكِ الْحُكْمِ فِيهِ أَيْ مَكَانَ إدْرَاكِهِ وَهُوَ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: يُشْبِهُ ذَلِكَ) أَيْ يُشْبِهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي لَا حُكْمَ فِيهِ قَالَ الْكَمَالُ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا بَحَثَ عَنْ حُكْمٍ وَافَقَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ اسْتِفْرَاغِ وُسْعِهِ اكْتَفَى فِيهَا بِاسْتِصْحَابِ حُكْمِ الْعَقْلِ لِانْتِفَاءِ الْأَحْكَامِ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ فَإِذَا وُجِدَ صُورَةٌ تُشْبِهُ الَّتِي اكْتَفَى فِيهَا بِالِاسْتِصْحَابِ بَعْدَ بَحْثِهِ عَنْ حُكْمِهَا فَهَلْ يُسْتَدَلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيهَا بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَوْ يُسْتَدَلُّ اكْتِفَاءً عَنْ الْقِيَاسِ بِالِاسْتِصْحَابِ؟ الْمَذْهَبَانِ الْمَحْكِيَّانِ فِي الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا انْتَفَى الْحُكْمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَانِعَ إلَخْ) قِيلَ عَلَيْهِ لَا مُرَجِّحَ لِجَعْلِ أَحَدِهِمَا أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ وَجَعْلِ الْآخَرِ فَرْعًا عَنْهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا انْتَفَى الْحُكْمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ اهـ.

وَجَوَابُهُ بِعِلْمٍ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ قِيَاسُ اللُّغَةِ إلَخْ) لَا تَثْبُتُ اللُّغَةُ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَضْعِ قَدْ لَا يُرَاعِي الْوَاضِعُ الْمَعْنَى كَوَضْعِ الْفَرَسِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَدْ يُرَاعِي الْمَعْنَى كَمَا فِي الْقَارُورَةِ وَالْخَمْرِ لَكِنْ رِعَايَةُ الْمَعْنَى إنَّمَا هِيَ لِأَوْلَوِيَّةِ الْوَضْعِ لَا لِصِحَّةِ الْإِطْلَاقِ حَتَّى لَا تُطْلَقَ الْقَارُورَةُ عَلَى الدَّنِّ لِقَرَارِ الْمَاءِ فِيهِ فَرِعَايَةُ الْمَعْنَى لِأَوْلَوِيَّةِ وَضْعِ هَذَا اللَّفْظِ لِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ سَائِرِ الْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الصَّحِيحَ مُقَابِلُ الْمَنْعَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُقَالُ إنَّ مُقَابِلَ الْمَنْعِ الْجَوَازُ إذْ لَا مَعْنَى لِجَوَازِهِ إلَّا لِكَوْنِهِ حُجَّةً إذْ الْجَوَازُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُجِّيَّةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ أَوْ الْخِلَافُ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَكَوْنُهُ حُجَّةً يَتَضَمَّنُ وُقُوعَهُ (قَوْلُهُ: لِعَمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>