عَلَيْهِ الْحُكْمَ عِنْدَهُ مِنْ وَصْفٍ بَعْدَ آخَرَ (وَزَالَتْ) بِمَا أَبْدَاهُ (فَائِدَةُ الْإِلْغَاءِ) وَهِيَ سَلَامَةُ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ عَنْ الْقَدْحِ وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَسَدَ الْإِلْغَاءُ (مَا لَمْ يُلْغِ) الْمُسْتَدِلُّ (الْخَلَفَ بِغَيْرِ دَعْوَى قُصُورِهِ أَوْ دَعْوَى مَنْ سَلَّمَ وُجُودَ الْمَظِنَّةِ) الْمُعَلَّلِ بِهَا لِوُجُودِهِ (ضَعْفَ الْمَعْنَى) فِيهِ الَّذِي اُعْتُبِرَتْ الْمَظِنَّةُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُسْتَدِلُّ لِلْخَلَفِ أَصْلًا أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ بِدَعْوَى قُصُورِهِ أَوْ بِدَعْوَى ضَعْفِ مَعْنَى الْمَظِنَّةِ فِيهِ (خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُمَا) أَيْ الدَّعْوَيَيْنِ (إلْغَاءً) لِلْخَلَفِ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى امْتِنَاعِ الْقَاصِرَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى تَأْثِيرِ ضَعْفِ الْمَعْنَى فِي الْمَظِنَّةِ فَلَا تَزُولُ عِنْدَ هَذَا الزَّاعِمِ فِيهِمَا فَائِدَةُ الْإِلْغَاءِ الْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا أَلْغَى الْمُسْتَدِلُّ الْخَلَفَ بِغَيْرِ الدَّعْوَيَيْنِ فَتَبْقَى فَائِدَةُ إلْغَائِهِ الْأَوَّلِ. مِثَالُ تَعَدُّدِ الْوَضْعِ مَا يَأْتِي فِيمَا يُقَالُ
ــ
[حاشية العطار]
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَضَعَ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْ بَنَى فَتَفْسِيرٌ لِوَضَعَ وَقَوْلُهُ مِنْ وَصْفٍ بَيَانِ مَا وَضَعَ أَيْ بَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمَ وَفِي قَوْلِهِ مِنْ وَصْفٍ بَعْدَ آخَرَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ التَّعَدُّدِ اجْتِمَاعَ الْأَوْصَافِ مَعَ كَوْنِهَا عِلَّةً بَلْ أَرَادَ وَضْعَ وَصْفٍ بَعْدَ آخَرَ لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ سَلَامَةُ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ إلَخْ) أَيْ فَيَسْتَدِلُّ بِالْعِلِّيَّةِ وَتَرَتُّبُهَا عَلَى الْأَلْفَاظِ ظَاهِرًا وَيَتَبَيَّنُ بِإِبْدَاءِ الْمُعَارِضِ الْخَلَفَ الَّذِي لَمْ يُلْغِهِ الْمُسْتَدِلُّ بِمَا ذَكَرَ عَدَمُ تَرَتُّبِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْضَحُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِلْغَاءَ مَا زَالَ صَحِيحًا وَإِتْيَانُ الْمُعْتَرِضِ بِمَا يَخْلُفُهُ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي زَالَ فَائِدَتُهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إبْدَاءِ وَصْفٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا قَالَ أَوْضَحُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِفَسَادِ الْإِلْغَاءِ زَوَالُ فَائِدَتِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُلْغِ إلَخْ) قَيْدٌ فِي زَالَتْ فَائِدَةُ الْإِلْغَاءِ
(قَوْلُهُ: أَوْ دَعْوَى مَنْ سَلَّمَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ غَيْرٍ، أَيْ أَوْ بِغَيْرِ دَعْوَى مَنْ أَيِّ مُسْتَدِلٍّ سَلَّمَ، وَأَوْ لِنَفْيِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ الْأَمْرَيْنِ وَنَفْيُ إلْغَائِهِمَا صَادِقٌ بِالْإِلْغَاءِ بِغَيْرِهِمَا وَبِعَدَمِ الْإِلْغَاءِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: لِوُجُودِهِ) أَيْ الْخَلَفِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ سَلَّمَ أَيْ سَلَّمَ وُجُودَ هَذَا الْكُلِّيِّ لِوُجُودِ جُزْئَيْهِ.
(قَوْلُهُ: ضَعْفَ الْمَعْنَى) مَفْعُولَيْ دَعْوَى مَنْ سَلَّمَ وَضَمِيرُ فِيهِ يَعُودُ لِلْخَلَفِ وَفِي لَهُ لِلْمَعْنَى، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى الْحِكْمَةُ الَّتِي لِلْعِلَّةِ وَاللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ أَوْ بِغَيْرِ دَعْوَاهُ ضَعْفَ الْمَعْنَى وَقَدْ سَلَّمَ وُجُودَ الْمَظِنَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِذَلِكَ مِثَالُهُ إذَا اسْتَدَلَّ عَلَى رِبَوِيَّةِ التُّفَّاحِ لِقِيَاسِهِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطُّعْمِ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ الطُّعْمُ بَلْ الْقُوتُ فَدَفَعَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِفَقْدِهِ فِي الْمِلْحِ فَأَبْدَى الْمُعْتَرِضُ بَدَلَهُ الْكَيْلَ مَثَلًا فَدَفَعَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِقُصُورِهِ لِعَدَمِ شُمُولِهِ نَحْوَ الْجَوْزِ فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ أَوْ مَعْدُودٌ أَوْ بِأَنَّ الْكَيْلَ إنَّمَا كَانَ عِلَّةٌ لِحُرْمَةِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّطْفِيفِ فَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِحُرْمَةِ الرِّبَا فِي الْمَكِيلِ لَزِمَ التَّجَارُؤُ عَلَى الرِّبَا لَكِنَّ التَّطْفِيفَ الْحَاصِلَ أَمْرٌ يَسِيرٌ يُتَسَامَحُ فِيهِ فَلَا يَصْلُحُ عِلَّةً؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ ضَعِيفٌ فَقَدْ سَلَّمَ الْمُفْتَرِضُ وُجُودَ الْمَظِنَّةِ الْمُعَلَّلِ لِأَجْلِهَا بِوُجُودِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا وَهُوَ التَّفَاوُتُ وَلَكِنْ أَرَى ضَعْفَ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّفَاوُتُ إلَّا بِشَيْءٍ قَلِيلٍ، هَذَا مَا يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُلْغِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ بِدَعْوَى قُصُورِهِ إلَخْ) بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَصَوُّرَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ صَلَاحِ الْعِلِّيَّةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُرَجِّحُ الْوَصْفَ الْمُتَعَدِّيَ عَلَى الْقَاصِرِ كَمَا سَيَأْتِي وَعَلَى أَنَّ ضَعْفَ الْمَعْنَى فِي الْمَظِنَّةِ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي ضَعْفِ الْمَشَقَّةِ لِلْمَلِكِ الْمُتَرَفِّهِ فِي السَّفَرِ، وَزَاعِمُ خِلَافِ ذَلِكَ بَنَاهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى امْتِنَاعِ الْقَاصِرَةِ أَيْ عَلَى امْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِهَا. اهـ. زَكَرِيَّا
(قَوْلُهُ: الدَّعْوَيَيْنِ) بِيَاءَيْنِ تَثْنِيَةُ دَعْوَى بِقَلْبِ آخِرِهِ يَاءً قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ آخِرُ مَقْصُورٍ تُثَنِّي اجْعَلْهُ يَا إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مُرْتَقِيَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا) فَإِنَّ دَعْوَى اسْمٌ مَقْصُورٌ زَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا دَعْوَتَيْنِ بِتَاءٍ وَيَاءٍ فَهُوَ تَثْنِيَةُ دَعْوَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَظِنَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَأْثِيرِ وَفِيهِ أَنَّ ضَعْفَ الْمَعْنَى لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيلِ بِالْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: مِثَالُ الدَّعْوَيَيْنِ إلَخْ) فِي هَذَا الْمِثَالِ كَلَامَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَهُمَا الِاسْتِدْلَال وَالْإِلْغَاءُ وَلِلْحَنَفِيِّ كَلَامَانِ أَيْضًا وَهُمَا الِاعْتِرَاضُ.
وَالْجَوَابُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يُقَالُ) صِلَةُ يَأْتِي ثُمَّ قَدْ يُقَالُ لَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ مَا يَأْتِي فِيمَا يُقَالُ هُنَا وَفِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute