للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ قَرُبَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ (وَرَدَّهُ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ (مُطْلَقًا) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ (وَ) رَدَّهُ (قَوْمٌ فِي الْعِبَادَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهَا لِلْمَصْلَحَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْبَيْعِ وَالْحَدِّ (وَلَيْسَ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهَا فَهِيَ حَقٌّ قَطْعًا وَاشْتَرَطَهَا الْغَزَالِيُّ لِلْقَطْعِ بِالْقَوْلِ بِهِ لَا لِأَصْلِ الْقَوْلِ بِهِ)

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ الْإِنْكَارِ بِالنَّظَرِ لِلْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ فِي قَبُولِ الْمُرْسَلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ، وَإِلَّا فَالْمُجْتَهِدُ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي فَرْعٍ مِنْ الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَرُبَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اعْتَبَرَ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ قَيَّدَ مَا اعْتَبَرَهُ مِنْهَا بِكَوْنِهَا مُشَبَّهَةً لِمَا عُلِمَ اعْتِبَارُهُ شَرْعًا وَمَالِكٌ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ (قَوْلُهُ:، وَلَمْ يُوَافِقْهُ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ كَادَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَبَرَهَا مَنْفِيٌّ إذَا كَانَتْ مُثْبَتَةً، وَهُوَ قَوْلٌ مُشْتَهِرٌ بَيْنَ النُّحَاةِ، وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ، وَلَا إثْبَاتِهِ قَالَهُ النَّاصِرُ وَمَنَعَهُ سم بِأَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِنْ جُمْلَةِ مَدْلُولِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَيْهِ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْوَاقِعِ هُنَا، وَلَا نُسَلِّمُ رُجْحَانَ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ: ضَرُورِيَّةٌ) أَيْ دَعَتْ إلَيْهَا الضَّرُورَةُ بِأَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَالنَّسَبِ وَالْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا قَطْعِيَّةً أَنْ يَكُونَ الْجَزْمُ بِوُجُودِهَا حَاصِلًا وَبِالْكُلِّيَّةِ أَنْ لَا تَكُونَ مَخْصُوصَةً بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِمَّا دَلَّ) أَيْ مِنْ مُنَاسِبٍ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَذَلِكَ الدَّلِيلُ هُوَ أَنَّ حِفْظَ الْكُلِّيِّ أَهَمُّ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ حِفْظِ الْجُزْئِيِّ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَهَا) أَيْ الْمَصْلَحَةَ الْمَذْكُورَةَ الْغَزَالِيُّ قَالَ فِي الْمَنْخُولِ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا فِي عَصْرِ الْأَوَّلِينَ وَنُسِخَتْ مَصْلَحَةٌ لَا يَرُدُّهَا أَصْلٌ، وَلَكِنَّهَا حَدِيثَةٌ فَهَلْ تَتَّبِعُونَهَا، قُلْنَا: نَعَمْ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لَوْ فَرَضْنَا انْقِلَابَ أَمْوَالِ الْعَالَمِ بِجُمْلَتِهَا مُحَرَّمَةً لِكَثْرَةِ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَاشْتِبَاهِ الْغُصُوبِ بِغَيْرِهَا وَعُسْرِ الْوُصُولُ إلَى الْحَلَالِ الْمَحْضِ، وَقَدْ وَقَعَ فَنُبِيحُ لِكُلِّ مُحْتَاجٍ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ كِفَايَتِهِ مِنْ كُلِّ مَالٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّنَاوُلِ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَتَخْصِيصَهُ بِمِقْدَارِ سَدِّ الرَّمَقِ يَكُفُّ النَّاسَ عَنْ مُعَامَلَاتِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَيَتَدَاعَى ذَلِكَ إلَى فَسَادِ الدُّنْيَا وَخَرَابِ الْعَالَمِ فَلَا يَتَفَرَّغُونَ وَهُمْ عَلَى حَالَتِهِمْ مُشْرِفُونَ عَلَى الْمَوْتِ إلَى صِنَاعَتِهِمْ وَأَشْغَالِهِمْ، وَالشَّرْعُ لَا يَرْضَى بِمِثْلِهِ فَنُبِيحُ لِكُلِّ غَنِيٍّ مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ كِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا اقْتِصَارٍ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ وَنُبِيحُ لِكُلِّ مُقْتِرٍ فِي مَالِ مَنْ فَضَلَ مِنْهُ هَذَا الْقَدْرُ مِثْلَهُ وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَاعِدَةُ، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ أَوْ إلَى مَيْتَةٍ يُبَاحُ لَهُ مِقْدَارُ الِاسْتِقْلَالِ مُحَافَظَةً عَلَى الرُّوحِ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَرْوَاحِ أَوْلَى وَأَحَقُّ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْمُسْتَظْهِرِ بِشَوْكَتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى النَّاسِ الْمُطَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ سَفَرَ الزَّمَانُ عَنْ مُسْتَجْمِعٍ لِشَرَائِطِ الْإِمَامَةِ يَتَعَذَّرُ أَمْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُجْرِي فَسَادًا عَظِيمًا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ اهـ.

أَقُولُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا حَصَلَ فِي عَصْرِهِ وَأَمَّا الْعَصْرُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ الْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>