للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَمْتَنِعُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا.

(وَجَوَابُهُ) أَيْ التَّخَلُّفِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَادِحٌ (مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ) فِيمَا اُعْتُرِضَ بِهِ (أَوْ) مَنْعُ (انْتِفَاءِ الْحُكْمِ) عَنْ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ انْتِفَاؤُهُ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلِّ) ، وَإِلَّا فَلَا يَتَأَتَّى الْجَوَابُ بِمَنْعِهِ (وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ) أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ فِي قَدْحِ التَّخَلُّفِ حَتَّى إذَا وُجِدَتْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَقْدَحُ عِنْدَهُ (بَيَانُهَا) فَيَحْصُلُ الْجَوَابُ عَلَى رَأْيِهِ بِبَيَانِهَا أَوْ بَيَانِ وَاحِدٍ مِنْهَا.

(وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ) بِالتَّخَلُّفِ (الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ) فِيمَا اُعْتُرِضَ (بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ النُّظَّارِ، وَلَوْ بَعْدَ مَنْعِ الْمُسْتَدِلِّ وُجُودَهَا (لِلِانْتِقَالِ) مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُؤَدِّي إلَى الِانْتِشَارِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِيَتِمَّ مَطْلُوبُهُ مِنْ إبْطَالِهِ الْعِلَّةِ (وَقَالَ الْآمِدِيُّ) لَهُ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ أَوْلَى) مِنْ التَّخَلُّفِ (بِالْقَدْحِ) فَإِنْ كَانَ فَلَا، وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِهِ لَهُ لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ نَفْيِهَا أَيْ إيقَاعِهِ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُ

ــ

[حاشية العطار]

يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَفْسَدَةٍ بَلْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ إنْ قَدَحَ التَّخَلُّفُ، وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْقَدْحَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِلِّيَّةِ وَالتَّخْصِيصُ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهَا (قَوْلُهُ: مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ) يَعْنِي أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِيهِ وَتَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنْهُ يَمْنَعُ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِيهِ فَلَا تَخَلُّفَ فِيهِ لِلْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَمِثَالُهُ أَنْ يُقَالَ: النَّبَّاشُ آخِذٌ لِلنِّصَابِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ عُدْوَانًا فَهُوَ سَارِقٌ يَسْتَحِقُّ الْقَطْعَ فَإِنْ اعْتَرَضَ الْخَصْمُ بِمَا إذَا سَرَقَ الْكُتُبَ مِنْ مَقْبَرَةٍ فِي مَفَازَةٍ فَلَا يُقْطَعُ فِي الْأَصَحِّ فَجَوَابُهُ مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ) مِثَالُهُ قَوْلُنَا: السَّلَمُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًّا فَإِنْ اعْتَرَضَ الْخَصْمُ بِالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ، وَالتَّأْجِيلُ شَرْطٌ فِيهَا فَجَوَابُهُ مَنْعُ انْتِفَاءٍ الْحُكْمِ، وَهُوَ شَرْطُ التَّأْجِيلِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَجَلِ فِيهَا لَيْسَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بَلْ لِيَسْتَقِرَّ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ) مَانِعَةً مِنْ الْقَدْحِ بِأَنْ يَرَى أَنَّ التَّخَلُّفَ إذَا كَانَ لِمَانِعٍ لَا يَكُونُ قَادِحًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَادِحًا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَانِعٍ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ فِي قَدْحِ التَّخَلُّفِ أَيْ يَعْتَبِرُ انْتِفَاءَهَا فِي كَوْنِ التَّخَلُّفِ قَادِحًا وَكَالْمَوَانِعِ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ فَيَحْصُلُ الْجَوَابُ بِبَيَانِ انْتِفَائِهِ وَقَوْلُهُ بَيَانُهَا قَالَ الْكَمَالُ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ التَّقْدِيرُ، وَجَوَابُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْمَوَانِعَ بَيَانُهَا أَيْ الْمَوَانِعِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا اهـ.

قُلْت لَا يُتَّجَهُ تَعَيُّنُ ذَلِكَ وَلَا الِاحْتِجَاجُ إلَيْهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ الدَّاخِلَةِ عَلَى عِنْدَ مَنْ يَرَى عَلَى مَنْعِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَيَكُونُ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ الْمَذْكُورِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ أَعْنِي عِنْدَ مَنْ يَرَى، وَإِنَّمَا قَدَّمَ هَذَا الْقَيْدَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ رُجُوعِهِ لِلْجَمِيعِ لَوْ أَخَّرَهُ بِأَنْ قَالَ، وَبَيَانُ الْمَوَانِعِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَيْ الْمَذْكُورَاتِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ لِئَلَّا يَقْوَى ذَلِكَ الْإِيهَامُ اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَيْ يَعْتَبِرُهَا بِالنَّفْيِ) عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُجْعَلُ نَفْيُهَا مُؤَثِّرًا فِي الْقَدْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْمُعْتَرَضِ بِهِ مَوْجُودًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ التَّخَلُّفُ قَادِحًا (قَوْلُهُ: بِبَيَانِهَا) إنَّمَا غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَوْ بَيَانِ الْمَوَانِعِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا لِئَلَّا يُوهِمَ عَطْفُهُ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ مِثَالُ ذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ كَالْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ فَإِنْ نُقِضَ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ تَخَلَّفَ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ، وَهُوَ كَوْنُ الْأَبِ سَبَبًا لِإِيجَادِ ابْنِهِ فَلَا يَكُونُ ابْنُهُ سَبَبًا لِإِعْدَامِ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْجَوَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَهُمَا مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ أَوْ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ الْآتِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي) صِفَةٌ لِلِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ أَوْلَى بِالْقَدْحِ بِهِ (قَوْلُهُ: سَلِمَ مِنْ إيهَامِ نَفْيِهَا) أَيْ لَفْظَةُ لَهُ إذْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إسْقَاطِهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ قَيْدٌ فِي النَّفْيِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>