للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤَبَّدًا صَالِحٌ لَأَنْ يُفْضِيَ إلَى عَدَمِ الْفُجُورِ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ التَّحْرِيمِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ لَيْسَ صَالِحًا لِذَلِكَ بَلْ لِلْإِفْضَاءِ إلَى الْفُجُورِ فَإِنَّ النَّفْسَ مَائِلَةٌ إلَى الْمَمْنُوعِ فَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَهَا الْمُؤَبَّدَ يَسُدُّ بَابَ الطَّمَعِ فِيهَا بِحَيْثُ تَصِيرُ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ كَالْأُمِّ

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (الْفَرْقُ) بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَ (هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ وَقِيلَ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْمُعَارَضَتَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (مَعًا) لِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ تُجْعَلُ شَرْطًا لِلْحُكْمِ بِأَنْ تُجْعَلَ مِنْ عِلَّتِهِ أَوْ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْفَرْعِ تُجْعَلُ

ــ

[حاشية العطار]

عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَتَعْلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِالْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ لِارْتِفَاعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْمُؤَدِّي لِلْفُجُورِ فَإِذَا تَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ انْسَدَّ بَابُ الطَّمَعِ فِي الْمَحَارِمِ (قَوْلُهُ: مُؤَبَّدًا) حَالٌ مِنْ تَحْرِيمٍ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فِي جَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ (قَوْلُهُ: إلَى عَدَمِ الْفُجُورِ) أَيْ الزِّنَا وَقَوْلُهُ الْمَقْصُودِ نَعْتُ عَدَمِ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ صَالِحًا) أَيْ الْإِفْضَاءُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ) أَيْ عَادَةً (اسْتِطْرَادٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ دَاعِيَةٌ لِلطَّبْعِ تَجْزِي عَنْ تَكْلِيفِ الشَّرْعِ وَبَعْضُهُمْ بِقَوْلِ الْوَازِعِ الطَّبِيعِيِّ مُغْنٍ عَنْ الْإِيجَابِ الشَّرْعِيِّ وَعَبَّرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُحَالُ عَلَى طَبْعِهِ مَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُرَتِّبْ الشَّارِعُ عَلَى شُرْبِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَأَكْلِ الْعَذِرَةِ حَدًّا اكْتِفَاءً بِنُفْرَةِ الطِّبَاعِ عَنْهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لِقِيَامِ بَوَاعِثِهَا فَلَوْلَا الْحَدُّ لَعَمَّتْ مَفَاسِدُهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْهَا لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَشَذَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْوَطْأَةِ الْأُولَى لِتَقْرِيرِ الْمَهْرِ أَمَّا الْمَوْلَى فَوَاجِبُهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ وَمِنْهَا إقْرَارُ الْفَاسِقِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَرْدَعُهُ عَنْ الْكَذِبِ فِيمَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ وَمَا تَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ لَا يُحْتَاجُ لِلزَّجْرِ عَنْهُ وَمِنْهَا لَيْسَ النِّكَاحُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَمُسْتَنَدُ هَذَا الْوَجْهِ النَّظَرُ إلَى بَقَاءِ النَّسْلِ وَقَدَّرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَقَالَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الشَّهْوَةِ مَا يَبْعَثُهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِهِ ثُمَّ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إلَى قِتَالِ أَهْلِ قُطْرٍ رَغِبُوا عَنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا اهـ.

ثُمَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ فِي الْأَشْبَاهِ أَعَادَهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ فَقَالَ وَمَالَ أَيْ وَالِدُهُ إلَى قِتَالِ أَهْلِ قُطْرٍ رَغِبُوا عَنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ قَنَعُوا بِالتَّسَرِّي مَعَ تَضْعِيفِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا سَعِيدٍ حَكَى عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَهْلُ قُطْرٍ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ اهـ.

وَمِمَّا يُلْتَحَقُ بِمَا هُنَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ أَنَّ النَّوَوِيَّ ذَكَرَ فِي الدَّقَائِقِ أَنَّهُ يُثْبِتُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ كَالصَّحِيحِ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْمِنْهَاجِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْوَالِدُ فِي شَرْحِهِ سَاكِتًا عَلَيْهِ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ النِّكَاحِ صَحِيحًا وَأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ جَزَمَ بِذَلِكَ الرَّافِعِيُّ وَكَثِيرُونَ وَلَا أَعْرِفُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إلَّا وَجْهًا غَرِيبًا حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْعِ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَصُوَرُهُ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الثَّانِي وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَيْهِمَا إلَخْ) تَضْعِيفُهُ بِالنَّظَرِ إلَى حَصْرِ الْفَرْقِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْفَرْقُ حَاصِلٌ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِمَا كَحُصُولِهِ بِرُجُوعِهِ إلَى أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ إلَخْ) سَمَّاهُ مُعَارَضَةً فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ وَالْمُعْتَرَضُ عِلِّيَّتُهُ مَعَ خُصُوصِيَّتِهِ لَا تُوجَدُ فِي الْفَرْعِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْخَفَاءُ فِي كَوْنِ إبْدَاءِ الْمَانِعِ فِي الْفَرْعِ مُعَارَضَةً فِيهِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمَانِعَ عَنْ الشَّيْءِ فِي قُوَّةِ الْمُقْتَضِي لِنَقِيضِهِ فَيَكُونُ الْمَانِعُ فِي الْفَرْعِ وَصْفًا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ وَهَذَا مَعْنَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ كَمَا قَالَهُ الْعَضُدُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُجْعَلَ مِنْ عِلَّتِهِ) تَنْبِيهٌ عَلَى تَوْجِيهِ الْمُعَارَضَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ ادَّعَى أَنَّ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْعِلَّةُ وَادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْوَصْفُ مَعَ خُصُوصِيَّةٍ لَا تُوجَدُ فِي الْفَرْعِ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>