للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِارْتِفَاقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ فَكَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالتَّرَاخِي الْمُوَسِّعُ لَا يُنَاسِبُ دَفْعَ الْحَاجَةِ الْمُضَيَّقَ وَالرَّابِعُ كَأَنْ يُقَالَ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي الْمُحَقَّرِ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا سِوَى الرِّضَا فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَيْعٌ كَمَا فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرِ فَالرِّضَا الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْبَيْعِ يُنَاسِبُ الِانْعِقَادَ لَا عَدَمَهُ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ (كَوْنُ الْجَامِعِ) فِي قِيَاسِ الْمُسْتَدِلِّ (ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ) فِي ذَلِكَ الْقِيَاسِ مِثَالُ الْجَامِعِ ذِي النَّصِّ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْهِرَّةُ سَبُعٌ ذُو نَابٍ فَيَكُونُ سُؤْرُهُ نَجِسًا كَالْكَلْبِ فَيُقَالُ السَّبُعِيَّةُ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ عِلَّةً لِلطَّهَارَةِ حَيْثُ «دُعِيَ إلَى دَارٍ فِيهَا كَلْبٌ فَامْتَنَعَ وَإِلَى أُخْرَى فِيهَا سِنَّوْرٌ فَأَجَابَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِثَالُ ذِي الْإِجْمَاعِ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ

ــ

[حاشية العطار]

أُجِيبَ مِنْ جِهَةِ الْمُخَالِفِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مِنْ التَّغْلِيظِ لَا مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ إذْ فِي عَدَمِ التَّكْفِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لِغِلَظِهِ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الِارْتِفَاقِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْمُرَادُ بِهِ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسَاهَلَةُ فِي شَأْنِهِ وَعَدَمُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ اهـ.

أَقُولُ وَمِنْ آثَارِ كَوْنِهَا عَلَى وَجْهِ الِارْتِفَاقِ تَجْوِيزُ إخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ وَامْتِنَاعُ أَخْذِ نَحْوِ الْحَوَامِلِ وَالْكَرِيمَةِ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ رِفْقِ الْمُسْتَحِقِّ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَأَنْ يَكُونَ لَهُ جِهَتَانِ إلَخْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ نَظَرَ فِي التَّخْفِيفِ إلَى الِارْتِفَاقِ أَيْ أَخْذُ التَّخْفِيفِ مِنْ الِارْتِفَاقِ إنَّمَا يُنَاسِبُ أَخْذَهُ مِنْهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ ارْتِفَاقُ الْمُزَكِّي لِأَنَّ قَصْدَ الْمُسَاهَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَيْهِ يُنَاسِبُهُ التَّرَاخِي بِخِلَافِ ارْتِفَاقِ الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا يُنَاسِبُهُ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الْحَاجَةِ) مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) قَضِيَّتُهُ تَحَقُّقُ الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ الِارْتِفَاقِ وَدَفْعِ الْحَاجَةِ هُنَا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ دَفْعَ حَاجَةِ الْجَانِي إلَى خَلَاصِهِ مِنْ عُهْدَةِ جِنَايَتِهِ الَّتِي تَكْثُرُ مِنْهُ وَيُعْذَرُ فِيهَا وَأَنَّ فِي الِاقْتِصَارِ فِي كُلِّ حَوْلٍ عَلَى نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْغَنِيِّ وَرُبُعِ دِينَارٍ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَعَدَمِ أَخْذِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آخِرِ الْحَوْلِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَفُوا بِالدِّيَةِ رِفْقًا بِهِمْ وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لَا يُنَاسِبُ دَفْعَ الْحَاجَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ إلَخْ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ تَمْثِيلَ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِهَذَا الْمِثَالِ لِلثَّالِثِ وَهُوَ تَلَقِّي الْإِثْبَاتِ مِنْ النَّفْيِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَهُوَ نَفْيُ مُتَلَقًّى مِنْ وُجُودِ الرِّضَا وَهُوَ إثْبَاتٌ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الِانْعِقَادَ وَأَمَّا مِثَالُ الثَّالِثِ فَكَأَنْ يُقَالَ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرِ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا مَعَ الرِّضَا صِيغَةٌ يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ كَمَا فِي الْمُحَقَّرِ عَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِهِ بِهَا فِيهِ فَعَدَمُ الصِّيغَةِ يُنَاسِبُ عَدَمَ الِانْعِقَادِ لَا الِانْعِقَادِ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا قَدْحٌ فِي الْمُنَاسَبَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْقَدْحِ فِيهَا وَقَدْ مَرَّ بِأَنَّ مَا هُنَا قَدْحٌ فِي وُجُودِهَا وَمَا مَرَّ قَدْحٌ فِيهَا بِانْخِرَامِهَا بِمُفْسِدٍ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ فَسَادَ الْوَضْعِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ هُوَ كَمَا يُوهِمُهُ تَفْسِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ لَهُ بِهِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ أَيْ فَيَمْتَنِعُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِهِ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْوَاحِدَ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّقِيضَانِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا فِي أَحَدِهِمَا لَا فِي ثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْآخَرِ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: كَوْنُ الْجَامِعِ) أَيْ الْوَصْفِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَهُوَ السَّبُعِيَّةُ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: فِي نَقِيضِ) مُتَعَلِّقٌ بِاعْتِبَارِهِ وَفِيهِ فَصْلُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ بِمَعْمُولِ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ مَعْمُولُ ثَبَتَ وَأَرَادَ بِالنَّقِيضِ مَا يَشْمَلُ الضِّدَّ (قَوْلُهُ: الْهِرَّةُ) خَاصَّةٌ بِالْمُؤَنَّثِ وَتُجْمَعُ عَلَى هِرَرٍ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَأَمَّا الْهِرُّ فَيُجْمَعُ عَلَى هِرَرَةٍ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ سُؤْرُهُ نَجِسًا كَالْكَلْبِ) بِجَامِعِ السَّبُعِيَّةِ لَكِنَّ قَوْلَ السِّنَّوْرُ سَبُعٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلْبَ غَيْرُ سَبُعٍ وَشَرْطُ الْجَامِعِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَلِذَا قَالَ النَّاصِرُ جَعْلُ الْجَامِعِ السَّبُعِيَّةَ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّنْزِيلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ دُعِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعِيَ لِدَارِ قَوْمٍ فَأَجَابَ وَإِلَى دَارٍ أُخْرَى فَامْتَنَعَ وَقَالَ إنَّ فِي دَارِهِمْ كَلْبًا فَقِيلَ لَهُ وَفِي دَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>