للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّةِ دُونِهِ وَكَأَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ فِي الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ كَالْمُخْتَلِطَاتِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا وَقَالَ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» وَالْبَكْرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالرُّبَاعِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَيُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ فِي تَغْسِيلِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ) لِصِدْقِهِ حَيْثُ يَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعْتَرِضِ بِفَسَادِ الِاعْتِبَارِ (تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُنَوَّعَاتِ) فِي الْمُقَدِّمَاتِ (وَتَأْخِيرُهُ عَنْهَا) لِمُجَمَاعَتِهِ لَهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (وَجَوَابُهُ الطَّعْنُ فِي سَنَدِهِ) أَيْ سَنَدِ النَّصِّ بِإِرْسَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ الْمُعَارَضَةُ لَهُ) بِنَصٍّ آخَرَ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَسْلَمُ الْأَوَّلُ (أَوْ مَنْعُ الظُّهُورِ) لَهُ فِي مَقْصِدِ الْمُعْتَرِضِ (أَوْ التَّأْوِيلُ) لَهُ بِدَلِيلٍ

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقَوَادِحِ (مَنْعُ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ)

ــ

[حاشية العطار]

تَعَرُّضًا لِلْعَدَمِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ التَّرْتِيبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِ) يُقَالُ فِي دَفْعِهِ بِأَنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِصِحَّتِهِ دُونَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي النَّفْلِ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يُفِيدُ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لَهَا دُونَهُ دَائِمًا فَمَمْنُوعٌ لِمُخَالِفَتِهِ خَبَرَ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَحَاصِلُ هَذَا جَوَابٌ بِالْمُعَارَضَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الْقَرْضُ إلَخْ) مِثَالٌ لِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّصِّ الَّذِي مِنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْقَرْضُ فِي الْمَنَافِعِ فَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَرْشِيحِ التَّوْشِيحِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِجَوَازِهِ وَمَنَعَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ نَقَلَهُ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ سَاكِتًا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّ الْوَالِدِ عَلَى حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ رَأْي فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ تَعْلِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَقْرَضْتُك مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ شَهْرًا قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ وَالسَّلَمُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: كَالْمُخْتَلِطَاتِ) كَأَنْوَاعِ الْمَعَاجِينِ (قَوْلُهُ: اسْتَسْلَفَ) أَيْ اسْتَسْلَفَ بِالْفِعْلِ فَالتَّاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يُقَالَ) مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ لِلْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ مُطْلَقًا وَقَضِيَّةُ تَعْرِيفِهِمَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِ فَقَطْ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَصُدِّقَ فَسَادُ الْوَضْعِ فَقَطْ بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ وَلَا يُعَارِضُهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ (قَوْلُهُ: وَصِدْقُهُمَا مَعًا) بِأَنْ لَا يَكُونَ الدَّلِيلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةُ مَعَ مُعَارَضَةِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ لَهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ فَسَادَ الْوَضْعِ أَعَمُّ وَمِنْ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَمِنْ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ سَهْوٌ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُنَوَّعَاتِ) عَبَّرَ بِالْمُنَوَّعَاتِ دُونَ الِاعْتِرَاضَاتِ لِأَنَّ الْمُنَوَّعَاتِ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى مُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَاتِ تَشْمَلُ الْمُنَوَّعَاتِ وَغَيْرَهَا كَالنَّقْضِ وَالتَّأْثِيرِ (قَوْلُهُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَصْرِ الْجَوَابِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ كَالْقَوْلِ الْمُوجِبِ بِأَنْ يَبْقَى دَلِيلُ الْمُعْتَرِضِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَدَّعِي أَنَّ مَدْلُولَهُ لَا يُنَافِي الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ: فِي سَنَدِهِ) أَيْ إذَا كَانَ حَدِيثًا مَنْقُولًا بِالْآحَادِ أَمَّا إذَا كَانَ سُنَّةً مُتَوَاتِرَةً أَوْ كِتَابًا فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْجَوَابُ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ إذَا كَانَ ظَنِّيًّا كَأَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا آحَادًا فَيُطْعَنُ فِي سَنَدِهِ بِضَعْفِ النَّاقِلِ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْلَمُ الْأَوَّلُ) أَيْ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ عَارَضَ الْمُعْتَرِضُ الْقِيَاسَ بِنَصٍّ آخَرَ لَمْ يُفِدْهُ لِأَنَّ النَّصَّ الْوَاحِدَ يُعَارِضُ النَّصَّيْنِ فَأَكْثَرَ كَشَهَادَةِ اثْنَيْنِ تُعَارِضُ شَهَادَةَ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ نَعَمْ إنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ رُجِّحَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَعُلِمَ أَنَّ النَّصَّ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ وَالْقِيَاسَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ تَعَارُضِ النُّصُوصِ يَرْجِعُونَ إلَى الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعِ الظُّهُورِ) كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] إلَخْ فَإِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي عَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>