للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَنْعُ كَوْنِهِ الْعِلَّةَ (وَيُسَمَّى الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ الْعِلَّةِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُهُ) وَإِلَّا لَأَدَّى الْحَالُ إلَى تَمَسُّكِ الْمُسْتَدِلِّ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَوْصَافِ لِأَمْنِهِ الْمَنْعَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى الِانْتِشَارِ بِمَنْعِ كُلِّ مَا يَدَّعِي عِلِّيَّتَهُ (وَجَوَابُهُ بِإِثْبَاتِهِ) أَيْ بِإِثْبَاتِ كَوْنِهِ الْعِلَّةَ بِمَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا (مَنْعُ وَصْفِ الْعِلَّةِ) أَيْ مَنْعُ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِيهَا وَهُوَ مَقْبُولٌ جَزْمًا (كَقَوْلِنَا فِي إفْسَادِ الصَّوْمِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ) كَالْأَكْلِ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (الْكَفَّارَةُ) شُرِعَتْ (لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ الْمَحْذُوفِ فِي الصَّوْمِ فَوَجَبَ اخْتِصَاصُهَا بِهِ كَالْحَدِّ) فَإِنَّهُ شُرِعَ لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ زِنًا وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ.

(فَيُقَالُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ عَنْ الْجِمَاعِ بِخُصُوصِهِ (بَلْ عَنْ الْإِفْطَارِ الْمَحْذُوفِ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّوْمِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَجَوَابُهُ بِتَبْيِينِ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِيَّةِ) أَيْ خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ فِي الْعِلَّةِ كَأَنْ يُبَيِّنَ اعْتِبَارَ الْجِمَاعِ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الشَّارِعَ رَتَّبَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ أَجَابَ بِهَا مَنْ سَأَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَأَنَّ الْمُعْتَرِضَ) بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ (يُنَقِّحُ الْمَنَاطَ) بِحَذْفِهِ خُصُوصَ الْوَصْفِ عَنْ الِاعْتِبَارِ (وَالْمُسْتَدِلُّ يُحَقِّقُهُ) بِتَبْيِينِهِ اعْتِبَارَ خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ (وَ) مِنْ الْمَنْعِ (مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْمَسْمُوعُ كَأَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ فَيُقَالُ لَهُ النِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَيْ بَلْ يَنْتَهِي بِهِ (وَفِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ مَذَاهِبُ) أَرْجَحُهَا

ــ

[حاشية العطار]

وُجُوبِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ مَنْعِ كَوْنِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْيَاءَ فِي الْعِلِّيَّةِ يَاءُ الْمَصْدَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ) أَيْ قَوْلُهُ لَا أُسَلِّمُ بِغَيْرِ قَادِحٍ مِنْ الْقَوَادِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْعَ وَصْفِ الْعِلِّيَّةِ غَيْرُ مَنْعِ الْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَصْفِ الْعِلَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَقْبُولٌ جَزْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا قَبْلَهُ لَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: فِي إفْسَادِ الصَّوْمِ) أَيْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إفْسَادِهِ فَالْمَقِيسُ هُوَ الْكَفَّارَةُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ هُوَ الْحَدُّ وَالْحُكْمُ هُوَ اخْتِصَاصُ كُلٍّ بِالْجِمَاعِ، وَالْعِلَّةُ الزَّجْرُ عَنْ الْجِمَاعِ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِفْسَادٍ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَبْحَثِ الْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُعْتَرِضُ يُنَقِّحُ الْمَنَاطَ) قَالَ سم تَعْبِيرُهُ بِكَانَ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَلَا تَحْقِيقِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ كَمَا تَقَدَّمَ حَاصِلُهُ الِاجْتِهَادُ فِي حَذْفِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَتَعْيِينِ الْبَاقِي لِلْعِلِّيَّةِ وَلَيْسَ هُنَا اجْتِهَادٌ وَلَا تَعْيِينٌ بَلْ مَنْعُ وَصْفِ الْعِلِّيَّةِ فَقَطْ وَوَجْهُ شَبَهِهِ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ أَنَّ الْمَانِعَ قَائِلٌ بِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِلِّيَّةِ بِمُقْتَضَى مَنْعِهِ فَقَدْ حَذَفَهُ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَإِذَا حَذَفَهُ عَنْ الِاعْتِبَارِ تَعَيَّنَ الْبَاقِي فَأَشْبَهَ مَنْ حَذَفَ الْبَعْضَ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَعَيَّنَ الْبَاقِي وَأَنَّ تَحْقِيقَ الْمَنَاطِ كَمَا تَقَدَّمَ إثْبَاتُ الْعِلَّةِ فِي آحَادِ صُوَرِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْلُومَةَ مُسَلَّمَةٌ قَدْ يَخْفَى وُجُودُهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَيُبَيِّنُ الْمُسْتَدِلُّ وُجُودَهَا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ كَبَيَانِهِ أَنَّ السَّرِقَةَ الَّتِي هِيَ أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ وَهِيَ عِلَّةُ الْقَطْعِ مَوْجُودَةٌ فِي النَّبَّاشِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمَّا مَنَعَ الْوَصْفَ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْعِلَّةِ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ اعْتِبَارَهُ فِيهَا أَشْبَهَ مَنْ أَثْبَتَ الْعِلَّةَ فِي آحَادِ صُوَرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَدِلُّ يُحَقِّقُهُ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْمُسْتَدِلُّ لِرُجْحَانِ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ فَإِنَّهُ لِرَفْعِ النِّزَاعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ الْكَائِنِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّحْقِيقَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَدْخُولِهَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: خُصُوصِيَّةِ الْوَصْفِ) الَّذِي هُوَ الْجِمَاعُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَنْعِ إلَخْ) هَذَا مِنْ مُوجِبَاتِ الِاسْتِخْدَامِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَسْمُوعٌ) أَيْ فَيَكُونُ قَادِحًا (قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ) فَهُوَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ هُوَ الْإِجَارَةُ وَالْجَامِعُ هُوَ الْبُطْلَانُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ السَّمَاعَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِهِ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ فَرْعُ قَبُولِهِ وَسَمَاعِهِ وَيُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا الْمُقَابَلَةُ بِمَا سَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>