للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبُو الْمَعَالِي التَّنُوخِيُّ وَبِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الْحُكْمِ بِالْمِلْكِ إذَا كَانَ مَالًا زَكَوِيًّا وَكَذَلِكَ فِي الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ وَحَكَى وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ حَتَّى تُوضَعَ لِلتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ حَيًّا مَالِكًا فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّفْرِيعُ فِي الْمَذْهَبِ.

(وَمِنْهَا) الْإِقْرَارُ الْمُطْلَقُ لِلْحَمْلِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالَ التَّمِيمِيُّ لَا يَصِحُّ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي يَصِحُّ وَاخْتَلَفَ فِي مَأْخَذِ الْبُطْلَانِ فَقِيلَ ; لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، فَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ لَهُ تَمَلَّكَ بِغَيْرِهِمَا وَهُوَ فَاسِدٌ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ كَاشِفٌ لِلْمِلْكِ وَمُبَيِّنٌ لَهُ لَا مُوجِبٌ لَهُ وَقِيلَ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مَعَ الْحَمْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ لَهُ الْمِلْكُ تَوَجَّهَ حَمْلُ الْإِقْرَارِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ ; لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ تَعْلِيقٌ لَهُ عَلَى شَرْطٍ فِي الْوِلَادَةِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِدُونِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْإِقْرَارُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ وَهِيَ أَظْهَرُ وَتَرْجِعُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ إلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَانْتِفَائِهِ كَمَا سَبَقَ.

(وَمِنْهَا) اسْتِحْقَاقُ الْحَمْلِ مِنْ الْوَقْفِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ كَمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ حَتَّى يُوضَعَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَثْبُتُ لَهُ اسْتِحْقَاقُ الْوَقْفِ فِي حَالِ كَوْنِهِ حَمْلًا حَتَّى صَحَّحَ الْوَقْفَ عَلَى الْحَمْلِ ابْتِدَاءً وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْهِبَةِ كَذَلِكَ إذْ تَمْلِيكُ الْحَمْلِ عِنْدَهُ تَمْلِيكٌ مُنْجَزٌ لَا مُعَلَّقٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْقَاضِي صِحَّةَ الْهِبَةِ لَهُ ; لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ مُعَلَّقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْهِبَةُ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْلِ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا وَيُمْكِنُ التَّفْرِيقُ عَلَى الْمَنْصُوصِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا الْمَقْصُودُ مَنَافِعُهُ وَثَمَرَاتُهُ وَفَوَائِدُهُ، وَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ لِقَوْمٍ بَعْدَ قَوْمٍ وَالْحَمْلُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِانْتِفَاعِ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الْمُنْتَفِعِينَ بِهِ حَتَّى يُولَدَ وَيَحْتَاجَ إلَى الِانْتِفَاعِ مَعَهُمْ بِخِلَافِ الْمِلْكِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ هَذَا ثَبَتَ لِلْحَمْلِ وَلَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ مَعَ وُجُودِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الْحَمْلِ الْمُعَيَّنِ دُونَ اسْتِحْقَاقِهِ مَعَ أَهْلِ الْوَقْفِ.

(وَمِنْهَا) الْأَخْذُ لِلْحَمْلِ بِالشُّفْعَةِ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ، قَالَ الْأَصْحَابُ لَا يُؤْخَذُ لَهُ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَخْطِبَنِي وُجُودُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بِالْأَخْذِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ حُكْمًا وَمِلْكًا

(وَمِنْهَا) اللِّعَانُ عَلَى الْحَمْلِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَفِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ وَلَا الِالْتِعَانُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ وَالْمَيْمُونِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلَّلَ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِبْحًا وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.

وَالثَّانِيَة: تَلَاعُنٌ بِالْحَمْلِ نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ الْخَلَّالُ هُوَ قَوْلٌ أَوَّلٌ وَذَكَرَ النَّجَّادُ أَنَّهُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَخْرُجُ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقِ الْحَمْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ ; لِأَنَّ لُحُوقَ النَّسَبِ أَسْرَعُ ثُبُوتًا مِنْ نَفْيِهِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ

<<  <   >  >>