فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِهِ وَهُوَ مُنْزَلٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ عَلَيْهِ.
(وَمِنْهَا) وُجُوبُ الْغُرَّةِ بِقَتْلِهِ إذَا أَلْقَتْهُ أُمُّهُ مَيِّتًا مِنْ الضَّرْبِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْأَحْيَاءَ فِي صِفَاتِهِمْ الْخَاصَّةِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إهْدَارَهُ، وَنَسَبَهُ إلَى أَنَّهُ مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ حَيْثُ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُسَجَّعٍ بَاطِلٍ فِي نَفْسِهِ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَيَرْتَضِي لِنَفْسِهِ مُشَارَكَةَ هَذَا الْمُعْتَرِضِ، وَيَقُولُ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي إهْدَارَهُ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّهُ فَإِنَّ هَذَا الْجَنِينَ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادَفَهُ الضَّرْبُ وَفِيهِ حَيَاةٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الْحَيَاةِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَارَقَتْهُ الْحَيَاةُ ; لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي الْبَطْنِ وَحِينَئِذٍ فَالْجَانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ أَوْ مَنَعَ انْعِقَادَ حَيَاتِهِ فَضَمِنَهُ بِالْغُرَّةِ لِتَفْوِيتِ انْعِقَادِ حَيَاتِهِ كَمَا ضَمِنَ الْمَغْرُورُ وَلَدَهُ بِالْغُرَّةِ لِتَفْوِيتِ انْعِقَادِهِمْ أَرِقَّاءَ وَلَمْ يَضْمَنُوا كَمَالَ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةِ أَيْضًا فَإِنَّ دَلَائِلَ حَيَاتِهِ وَسُقُوطِهِ مَيِّتًا عَقِيبَ الضَّرْبَةِ كَالْقَاطِعِ بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ الظَّنَّ فَوَّتَ مَرْتَبَةَ اللَّوْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ، وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَهُ فَمَوْتُهَا سَبَبُ قَتْلِهِ بِالِاخْتِنَاقِ وَفَقْدِ التَّعَدِّي. وَذَلِكَ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْفِصَالُ إلَّا لِثُبُوتِ الضَّمَانِ فِي الظَّاهِرِ فَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَجَنِينُهَا وَجَبَ ضَمَانُهُمَا لَكِنْ اشْتَرَطَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ الِانْفِصَالَ، قَالَ فِي امْرَأَةٍ قُتِلَتْ وَهِيَ حَامِلٌ إذَا لَمْ يُلْقَ الْجَنِينُ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، قَالَ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ: يَكْفِي أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ يَكُونَ قَدْ انْشَقَّ جَوْفُهَا فَشُوهِدَ الْجَنِينُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِهِ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ إذَا كَانَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَقُتِلَتْ الْأُمُّ وَمَاتَ الْجَنِينُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ دِيَةُ الْأُمِّ وَدِيَةُ الْجَنِينِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الِانْفِصَالُ.
وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَشُوهِدَ لِجَوْفِهَا حَرَكَةٌ ثُمَّ عُصِرَ جَوْفُهَا فَخَرَجَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَلْ تَضْمَنُهُ الْعَاصِرَةُ عَلَى احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِمَا أَحَدُهُمَا تَضْمَنُهُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِجِنَايَةِ الْعَصْرِ.
وَالثَّانِي: لَا يُضْمَنُ ; لِأَنَّهُ مُنْخَنِقٌ بِمَوْتِ أُمِّهِ فَلَا يَبْقَى جِنَايَةٌ بَعْدَهَا.
. وَهَلْ يَخْتَصُّ الضَّمَانُ بِجَنِينِ الْآدَمِيَّةِ أَمْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ؟ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إلَى الِاخْتِصَاصِ ; لِأَنَّ ضَمَانَ الْجَنِينِ الْمَيِّتِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجِبُ ضَمَانُ مَا نَقَصَ مِنْ أُمِّهِ بِالْجِنَايَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَجِبُ ضَمَانُ جَنِينِ الْبَهَائِمِ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ كَجَنِينِ الْأَمَةِ وَقِيَاسُهُ جَنِينُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ أُمُّهُ أَيْضًا ; لِأَنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ لَا يُضْمَنُ بِمُقَدَّرٍ وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ.
وَلَوْ أَلْقَتْ الْبَهِيمَةُ بِالْجِنَايَةِ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَاحْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الرَّهْنِ أَحَدُهُمَا يُضْمَنُ قِيمَةُ الْوَلَدِ حَيًّا لَا غَيْرُ.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَا نَقَصَتْ الْأُمُّ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي الْأَمَةِ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute