وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا يَرْجِعُ بِضَمَانِهَا حَيْثُ دَخَلَتْ عَلَى ضَمَانِهَا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ يَسْتَقِرُّ هَهُنَا عَلَيْهَا ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ الْمَنْفَعَةُ بِاسْتِيفَاءٍ أَوْ بِتَفْوِيتٍ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَضْمِينُهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا تُطَالِبُ هَذِهِ بِضَمَانٍ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانُهُ ابْتِدَاءً وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهَا ضَمَانُ مَا دَخَلَتْ عَلَى ضَمَانِهِ مَا دَخَلَتْ عَلَى ضَمَانِهِ وَيَتَخَرَّجُ لَنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهَا ضَمَانُ شَيْءٍ وَسَنَذْكُرُ أَصْلَهُ فِي الْقِسْمِ الَّذِي بَعْدَهُ.
(الْخَامِسَةُ) : الْقَابِضَةُ تَمَلُّكًا بِعِوَضٍ مُسَمًّى عَنْ الْعَيْنِ بِالْبَيْعِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا ضَمِنَتْ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا ضَمِنَتْ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ كَدُخُولِهَا عَلَى ضَمَانِهَا وَلَكِنْ يُسْتَرَدُّ الثَّمَنُ مِنْ الْغَاصِبِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي ضَمِنَتْ الْمَالِكُ وَفْقَ الثَّمَنِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ هَهُنَا وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي ضَمَانِ الْمَغْرُورِ الْمَهْرِ. وَفِي التَّلْخِيصِ احْتِمَالٌ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَزْيَدَ رَجَعَتْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْغَاصِبِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الضَّمَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُنَى فِي خِلَافِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي قَاعِدَةِ ضَمَانِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِعِوَضِ الْمِثْلِ مَا يُشْبِهُ هَذَا وَلَوْ طَالَبَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْمُتَّجِرِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِكِ، ثُمَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ بَيَّنَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوَقْفِ الْعُقُودِ عَلَى الْإِجَازَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُطْلِقُ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْمُضَارِبِ إذَا خَالَفَ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ ; لِأَنَّهُ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ.
وَهَلْ لِلْمُضَارِبِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَطَرَدَهُمَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْكِفَايَةِ فِي الْغَاصِبِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي بَابِ الرَّهْنِ رِوَايَةً أُخْرَى بِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِمَّا صَنَعَهُ وَحَكَاهُ فِي الْكَافِي فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ وَجْهًا وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي خِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْمَغْرُورِ بِالْمَهْرِ. وَهُوَ عِنْدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قُلْنَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِرُجُوعِ الْمَغْرُورِ بِنِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مَعَ اسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَاسْتِهْلَاكِهَا وَدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِهَا، وَلِهَذَا طَرَدَ مُحَقِّقُوا الْأَصْحَابِ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا الْغَاصِبُ وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ هَلْ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى الْغَاصِبِ سَوَاءٌ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ الْمَهْرَ أَوْ لَمْ يُضَمِّنْهُ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا دَلَّسَ الْعَيْبَ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَصَ أَوْ تَعَيَّبَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَيَأْخُذ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ انْتِفَاعٌ بِمَا نَقَصَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عِوَضَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إلْحَاقًا لَهُ بِلَبَنِ الْمُصَرَّاةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ عَلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ بِالْمُسَمَّى وَلَكِنْ سَقَطَ عَنْهُ كَتَدْلِيسِ الْبَائِعِ الْعَيْبَ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَلَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ مَعَ تَدْلِيسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute