للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمَالِ الرِّبَا كَبَيْعِ الْعَبْدِ ذِي الْمَالِ بِمَالٍ مِنْ جِنْسِهِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْعَبْدُ وَفِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ قُلْنَا أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مَوَاضِعَ مِنْ فُصُولِهِ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ.

وَالثَّانِيَة: الْبِنَاءُ عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمَالَ مِلْكُ الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي بَيْعِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ اُعْتُبِرَ لَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ.

وَالثَّالِثَةُ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ إنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ اُعْتُبِرَ لَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا اُعْتُبِرَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. وَأَنْكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ وَعَدَمُهُ مُعْتَبَرًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الظَّاهِرِ وَهُوَ عُدُولٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَأُصُولِهِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا لَا يُقْصَدُ وَهُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَصْلٌ لِمَالِ الرِّبَا إذَا بِيعَ بِمَا فِيهِ وَهُوَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْكِنَ إفْرَادُ التَّابِعِ بِالْبَيْعِ كَبَيْعِ نَخْلَةٍ عَلَيْهَا رُطَبٌ بِرُطَبٍ. وَفِيهِ طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ طَرِيقُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ الْمَنْعُ ; لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ أَحْكَامِهِ بِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.

وَالثَّانِي: الْجَوَازُ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ وَابْنِ بَطَّةَ وَالْقَاضِي فِي الْخِلَافِ كَمَا سَبَقَ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ ذِي الْمَالِ، وَاشْتَرَطَ ابْنُ بَطَّةَ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ الرُّطَبُ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَلِذَلِكَ شَرَطَ فِي بَيْعِ النَّخْلَةِ الَّتِي عَلَيْهَا ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمِ، وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَعْنَى قَوْلِنَا غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْ بِالْأَصَالَةِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ فِي الْأَصْلِيِّ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ مَقْصُودٌ تَبَعًا، وَالضَّرْبُ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ التَّابِعُ مِمَّا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَبَيْعِ شَاةٍ لَبُونٍ بِلَبَنٍ أَوْ ذَاتِ صُوفٍ بِصُوفٍ وَبَيْعِ الثَّمَرِ بِالنَّوَى فَيَجُوزُ هَاهُنَا عِنْدَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ حَامِدٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَقَدْ حُكِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ يَنْزِلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ مَقْصُودًا وَالْجَوَازُ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ وَقَدْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْقَصْدِ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ مَسَائِلِ) : مُدِّ عَجْوَةٍ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ لَا يَتَقَيَّدُ بِزِيَادَةِ الْمُفْرَدِ عَلَى مَا مَعَهُ.

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي لَهُ مَالٌ بِمَالٍ دُون الَّذِي مَعَهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَالنَّوَى بِالثَّمَرِ وَكَذَلِكَ الْمَنْعُ فِيهَا مُطْلَقٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَهَا أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مَسَائِلِ مُدِّ عَجْوَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي مَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ ذِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ حَكَى أَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ

<<  <   >  >>