رِوَايَةً فِي بَيْعِ الشَّاةِ ذَاتِ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ بِالصُّوفِ وَاللَّبَنِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الشَّاةِ مِنْ جِنْسِهِ وَلَعَلَّ هَذَا مَعَ قَصْدِ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِالْأَصَالَةِ وَالْجَوَازِ مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ حُمِلَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَهُوَ مُتَنَزِّلٌ عَلَى أَنَّ التَّبَعِيَّةَ هَاهُنَا لَا عِبْرَةَ فِيهَا وَأَنَّ الرِّبَوِيَّ التَّابِعُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ.
(وَمِنْهَا) إذَا بَاعَ رَجُلٌ عَبْدَيْنِ لَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَقَعُ شَائِعًا بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ كُلِّ عَبْدٍ، وَلَا يَتَخَرَّجُ هُنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ مُبْهَمًا كَالْوَصِيَّةِ وَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ تَوَجَّهَ هَذَا التَّخْرِيجُ فِيهِ. وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِنِصْفِ عَبْدَيْنِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ قُبِلَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُطْلَقٌ فَيَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِمُعَيَّنٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَتَيْنِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَهَلْ يُسْتَحَقُّ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ كُلُّهُ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهَذَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِعَبْدٍ مُفْرَدٍ مَعَ التَّعْيِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حِرَّك هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ هَلْ يَدْخُلُ الْعَبِيدُ وَنَحْوُهُمْ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَالْمَنْصُوصُ دُخُولُهَا.
(وَمِنْهَا) إذَا رَهَنَهُ اثْنَانِ عَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنًا لَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِمَا مِثْلَ أَنْ يَرْهَنَاهُ دَارًا لَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيْهِمَا نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا قَضَى مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْضِ الْآخَرُ أَنَّ الدَّارَ رَهْنٌ عَلَى مَا بَقِيَ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ جَعَلَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ [رَهْنًا] بِجَمِيعِ الْحَقِّ تَوْزِيعًا لِلْمُفْرَدِ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا عَلَى الْمُفْرَدِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ عَقْدَ الِاثْنَيْنِ مَعَ الْوَاحِدِ فِي حُكْمِ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ فِي حُكْمِ عَقْدَيْنِ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مَرْهُونًا بِنِصْفِ الدَّيْنِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا رَهَنَ صَارَ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فَلَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ فِي نَصِيبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلَهُ [أَيْضًا] فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْفَكَّ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ ; لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِمَا ضَمِنَهُ.
قَالَ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَضْمَنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَى صَاحِبِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَقَالَ: عَلَى هَذَا يَصِحُّ الرَّهْنُ مِمَّنْ لَيْسَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ، وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي أَيْضًا فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ انْفَكَّ فِي نَصِيبِ الْمُوفِي لِلدَّيْنِ لَكِنْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ مُقَاسَمَةُ الْمُرْتَهِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute