للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي الْبَيِّنَةِ أَوْ عَدَمِهَا فَإِنَّ الْعَيْنَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا هَاهُنَا يُلْحَقُ النَّسَبُ بِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالْقُرْعَةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَيْهِ أَيُّهُمَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرِهَا، أَيْشٍ تَقُولُ فِيهِ؟ قَالَ أَحْمَدُ إنْ وَلَدَتْ خَيَّرَتْ الِابْنَ أَيَّهُمَا شَاءَ اخْتَارَ وَيَرِثُهُمَا جَمِيعًا، وَيُخَيَّرُ فِي حَيَاتِهِمَا أَيَّهُمَا شَاءَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ اخْتَارَ.

قَالَ الْقَاضِي هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.

وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إنَّمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِمَا كَمَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْهُمَا وَلَمْ يُوقِفْهُ إلَى بُلُوغِهِ وَتَخْيِيرِهِ إنَّمَا هُوَ لِلْحَضَانَةِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ مُرَادَ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِالْأَبَوَيْنِ مَعًا وَرِثَهُمَا وَخُيِّرَ فِي الْمَقَامِ عِنْدَ مَنْ يَخْتَارُ مِنْهُمَا. فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَحَدِيثُ عُمَرَ فِيهِ هَذَانِ الْحُكْمَانِ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَيُلْحَقُ نَسَبُهُ بِالْقُرْعَةِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُغْنِي فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّا رَوَى صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: الْقُرْعَةُ أَرَاهَا قَدْ أَقْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فَذَكَرَ مِنْهَا: وَأَقْرَعَ فِي الْوَلَدِ مِنْ حَدِيثِ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَأَذْهَبُ إلَى الْقُرْعَةِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَعَ. قُلْت إنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يُجِيزُونَ الْقُرْعَةَ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ. قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ نِسَائِهِ؟ وَالْقُرْعَةُ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوْضِعَيْنِ.

وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقُرْعَةِ فِي النَّسَبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ وَكَلَامَ الْحُفَّاظِ عَلَيْهِ وَتَوْجِيهَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ تَوْزِيعِ الْعَزْمِ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ. وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ وَأَمَّا حُكْمُ تَحْرِيمِ النِّكَاحِ فَإِنْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِأَحَدِ الْوَاطِئِينَ وَكَانَتْ بِنْتًا حَلَّتْ لِأَوْلَادِ الْآخَرِ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ مِنْ الْوَاطِئَيْنِ لِكَوْنِهَا رَبِيبَةً لَهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ فَإِنْ قُلْنَا يَضِيعُ النَّسَبُ حَرُمَتْ عَلَى الْوَاطِئِينَ وَأَوْلَادِهِمْ كَمَا إذَا اشْتَبَهَتْ ذَاتُ مَحْرَمٍ بِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ قُلْنَا يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُنْسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا بِمَيْلِ الطَّبْعِ فَفِي حِلِّهَا لِوَلَدِ الْآخَرِ بِلَبَنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فِي الرَّضَاعِ.

(وَأَمَّا حُكْمُ الْعِدَّةِ) فَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إنْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا انْقَضَتْ بِهِ عِدَّتُهَا مِنْهُ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا انْقَضَتْ بِهِ عِدَّتُهَا مِنْهُمَا. وَفِي الِانْتِصَارِ لِأَبِي الْخَطَّابِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى أَصْلِنَا أَنْ نَقُولَ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَتَعْتَدُّ لِلْآخَرِ فِيمَا إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا كَمَا لَوْ وَطِئَهَا رَجُلَانِ بِشُبْهَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ. وَأَمَّا إنْ ضَاعَ نَسَبُهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ وَأُشْكِلَ عَلَيْهِمْ فَفِي الْإِقْنَاعِ لِابْنِ الزاغوني يُضَافُ إلَى أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ وَتَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْهُ. قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُسْتَأْنَفَ الْعِدَّةُ لَهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ مَاءِ أَحَدِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُنْسَبْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي يَلْزَمُهَا أَنْ تَعْتَدَّ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثِ قُرُوءٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَتَتْ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهَا أَنْ تُكْمِلَ عِدَّةَ الْأَوَّلِ لِيَسْقُطَ

<<  <   >  >>