للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَرْضُ بِيَقِينٍ. وَأَمَّا حُكْمُ الْمِيرَاثِ إذَا تَعَذَّرَ إلْحَاقُ النَّسَبِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَاتَ الْوَلَدُ فَفِي الْمُجَرَّدِ فِي الْعَدَدِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ، كَمَا قُلْنَا إذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ وَمَاتَ. ثُمَّ قَالَ فَإِنْ كَانَ لِلطِّفْلِ أُمٌّ وَلِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِيهِ وَلَدٌ أَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ وَلِأَحَدِهِمَا وَلَدٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ أَخَوَانِ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فَيُحْكَمُ لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَا تُحْجَبُ بِالشَّكِّ.

قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا تُشْرَعُ عِنْدَنَا إذَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا عِنْدَنَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ: أَنَّهُ يُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حَتَّى يَصْلُحَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْعَجَبُ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْأُمِّ هُنَا الثُّلُثَ حَيْثُ يَشُكُّ، هَلْ لَهَا الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ؟ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُعْطَى بِمُقْتَضَى الْقُرْعَةِ انْتَهَى. وَأَقُولُ الْقُرْعَةُ هُنَا أَرْجَحُ مِنْ الْإِيقَافِ لِأَنَّ فِيهَا فَصْلًا لِلْأَحْكَامِ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْهُمَا فَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فَلَا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّعْوِيلُ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَأَنَّهُ ابْنٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَعَمْ لَوْ عَوَّلْنَا عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لَقَسَمْنَا إرْثَهُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ أَيْضًا.

وَأَمَّا دُخُولُ الْقُرْعَةِ فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الْأُمُّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ السُّدُسِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ، كَمَا لَا تَدْخُلُ الْقُرْعَةُ فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الْخُنْثَى مِنْ مِيرَاثِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلِأَنَّهُ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَهُ حَاجِبٌ مَفْقُودٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: هَذَا الْكَلَامُ فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ ابْتِدَاءً بِالْقُرْعَةِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِوَلَدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَمَةٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَتَبَيَّنَ وَتَعَذَّرَتْ الْقَافَةُ أَقْرَعْنَا لِأَجْلِ الْحُرِّيَّةِ فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ فَهُوَ حُرٌّ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ ذِكْرُهُ ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ هُنَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْإِقْرَارِ وَالْقُرْعَةِ فَيُرَجِّحُهُ

(وَمِنْهَا) إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي الْحَضَانَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ اخْتَارَهُمَا جَمِيعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُعْطَى لِأُمِّهِ. وَأَمَّا قَبْلَ السَّبْعِ فَإِذَا اسْتَوَى فِي اسْتِحْقَاقِ حَضَانَتِهِ رَجُلَانِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ كَأُخْتَيْنِ فَإِنَّهُ يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا.

(وَمِنْهَا) إذَا اسْتَحَقَّ الْقَوَدَ جَمَاعَةٌ وَتَشَاحُّوا فِي مُبَاشَرَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ.

وَالثَّانِي: بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً وَطَلَبَ وَلِيُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتَصَّ عَلَى الْكَمَالِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ أُقِيدَ بِهِ وَيَجِبُ لِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ.

وَالثَّانِي: يَبْدَأُ بِالسَّابِقِ فِي الْقَتْلِ فَيُقَادُ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ لِلْبَاقِينَ، فَإِنْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً قَدَّمَ مَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الْمُغْنِي سِوَى هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ يُقْتَلُ لِلْجَمِيعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ بَقِيَّةُ دِيَاتِ الْجَمِيعِ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ، وَحَكَى أَنَّ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُمْ إذَا طَلَبُوا الْقَتْلَ فَلَيْسَ لَهُمْ غَيْرُهُ وَيَكُونُونَ قَدْ أَخَذُوا بَعْضَ حُقُوقِهِمْ وَسَقَطَ بَعْضُهَا، وَبَعُدَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَالْإِسْقَاطِ.

(وَمِنْهَا) إذَا أَعْطَيْنَا الْأَمَانَ لِمُشْرِكٍ فِي حِصْنٍ لِيَفْتَحَهُ

<<  <   >  >>