للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءٌ عَلَى الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ أَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ التَّعَلُّقُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ مَا أَثْمَرَتْ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالثَّمَرَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إلَّا أَنْ نَقُولَ: إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ مَعَ الدَّيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُمْ تَعَلَّقَ بِهِ دَيْنٌ وَلَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا: إنَّهُ فِي ذِمَّتِهِمْ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَيْهِمْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِغَيْرِ خِلَافٍ

(وَمِنْهَا) : لَوْ مَاتَ وَلَهُ عَبِيدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَهَلَّ هِلَالُ الْفِطْرِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكِ فَلَا فِطْرَةَ لَهُمْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ قُلْنَا: يَنْتَقِلُ فَفِطْرَتُهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ حَيَوَانًا فَإِنْ قُلْنَا بِالِانْتِقَالِ إلَى الْوَرَثَةِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَمِنْ التَّرِكَةِ كَمُؤْنَتِهِ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْمَخْزَنِ وَنَحْوِهِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ مَاتَ الْمَدِينُ وَلَهُ شِقْصٌ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ الْأَخذ بِالشُّفْعَةِ؟ إنْ قُلْنَا بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ شَرِيكَ الْمَوْرُوثِ وَبِيعَ نَصِيبُ الْمَوْرُوثِ فِي دَيْنِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالِانْتِقَالِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَهُ وَإِنْ قِيلَ بَعْدَهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ ; لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ بَلْ فِي شَرِكَتِهِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ وَطِئَ الْوَارِثُ الْجَارِيَةَ الْمَوْرُوثَةَ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ فَأَوْلَدَهَا، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ مِلْكُهُ فَلَا حَدَّ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يُوَفِّي مِنْهَا الدَّيْنَ كَمَا لَوْ وَطِئَ الرَّاهِنُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ مِلْكَهُ فَلَا حَدَّ أَيْضًا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِالْفِكَاكِ فَهِيَ كَالرَّهْنِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَمَهْرُهَا يُوَفَّى بِهَا الدَّيْنُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ فَفَائِدَةُ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ وُجُوبُ الْمَهْرِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ تَزَوَّجَ الِابْنُ أَمَةَ أَبِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا إِنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَبُوهُ إِنْ مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ تُعْتَقْ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لِلتَّرِكَةِ فَلَا ثُلُثَ لِلْمَيِّتِ لِيَنْفُذَ مِنْهُ الْعِتْقُ وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ نَعَمْ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا تَطْلُقُ ; لِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ فَيَسْبِقُ الْفَسْخُ الطَّلَاقَ فَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الِانْتِقَالِ وَعَدَمِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُدَبِّرْهَا الْأَبُ سَوَاءٌ. وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهٌ آخَرُ بِالْوُقُوعِ وَإِنْ قِيلَ بِالِانْتِقَالِ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ بَنَى عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الطَّلَاقِ لِلْفَسْخِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْقَوَاعِدِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ فَقَالَ لَهُ فِي مِيرَاثِهِ أَلْفٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي إقْرَارِهِ وَفِي التَّلْخِيصِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ إذْ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ فِي هَذِهِ التَّرِكَةِ أَلْفُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ صَحِيحٌ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قُلْنَا: يَمْنَعُ الدَّيْنُ الْمِيرَاثَ كَانَ مُنَاقِضًا بِغَيْرِ خِلَافٍ

(وَمِنْهَا) لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْوَرَثَةَ

فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ابْنُ الِابْنِ نِصْفَ التَّرِكَةِ بِمِيرَاثِهِ عَنْ أَبِيهِ وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ إجْمَاعًا، وَعَلَّلَهُ فِي مَوْضِعٍ بِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ مَعَ الدَّيْنِ فَانْتَقَلَ مِيرَاثُ الِابْنِ إلَى أَبِيهِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ الِانْتِقَالِ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَدُ الصُّلْبِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْبَاقِي مِنْ الْوَرَثَةِ وَابْنُ الِابْنِ لَيْسَ

<<  <   >  >>