الْقِسْمَةُ تَقَرَّرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْصُلُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا سِيَّمَا إنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيكِهِ مُضَارَّةً. قُلْت وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ بِالنَّفَقَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ ارْتَجَعَ مِنْ غَيْرِ يَسَارٍ تَحَدَّدَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَجَعْتُهُ لَمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ الضَّرَرِ الَّذِي أَزَلْنَاهُ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي: لَهُ الرَّجْعَةُ فَإِذَا ارْتَجَعَ عَادَتْ الْمُطَالَبَةُ لَهُ فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَخَذَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْمُولِي عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَعْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنْ لَهُ رَجْعَتَهَا وَيُطَالِبُ بِالْفَيْئَةِ ثَانِيًا وَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَجْعَةَ الْمُوَلَّى أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ مَقْصُودِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْفَيْئَةِ مِنْ حَالِ الْعِدَّةِ الْجَارِيَةِ إلَى الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ رَجْعَةِ الْمُعْسِرِ وَلَكِنْ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ التَّمْكِينُ مِنْ فَسْخِ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ هُنَا ; لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الطَّلَاقِ لَا يَتَأَبَّدُ ; لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ ضَرَرِ الْفَسْخِ هُنَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْمُوَلَّى إذَا طَلَّقَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَفِيءَ ; لِأَنَّ أَصْلَ الرَّجْعَةِ إنَّمَا أَبَاحَهَا اللَّهُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِصْلَاحَ فَكَيْفَ بِالْمُوَلِّي الَّذِي يُظْهِرُ قَصْدَ الْإِضْرَارِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ بِدُونِ شَرْطِ الْفَيْئَةِ ; لِأَنَّ ارْتِجَاعَهُ زِيَادَةٌ فِي الْإِضْرَارِ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الْقِسْمَةُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا وَتَفَرُّقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَإِنْ قَسَمَ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ أَوْ قَسَمَهُ عَدْلٌ عَالِمٌ نَصَّفَاهُ بَيْنَهُمَا لَزِمَتْ قِسْمَتُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا رَدٌّ فَوَجْهَانِ، نَظَرًا إلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَيَقِفُ عَلَى الرِّضَاءِ وَإِلَى أَنَّ الْمُقَاسِمَ كَالْحَاكِمِ وَقُرْعَتُهُ كَحُكْمِهِ.
(وَمِنْهَا) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيهَا وَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لَمْ يَثْبُتْ وَإِلَّا ثَبَتَ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ فِي بَابِ الرِّبَا.
وَالثَّانِي: لَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَثَبَتَ الْآخَرُ عَلَيْهِ فَيَتَنَامَيَانِ وَمِنْهُمَا قِسْمَةُ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ اللَّحْمَ، فَإِنْ قُلْنَا: إفْرَازٌ جَازَتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
(وَمِنْهَا) لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَقَاسَمَ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدْ يُقَالُ الْأَيْمَانُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا تُسَمَّى الْقِسْمَةُ بَيْعًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا وَلَا بِالْحَوَالَةِ وَلَا بِالْإِقَالَةِ وَإِنْ قِيلَ هِيَ بُيُوعٌ.
(وَمِنْهَا) لَوْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ فَالْقِسْمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ وَقَدْ سَبَقَ.
(وَمِنْهَا) لَوْ ظَهَرَ فِي الْقِسْمَةِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لَمْ يَصِحَّ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْإِفْرَازِ، وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ صَحَّتْ وَثَبَتَ فِيهَا خِيَارُ الْغَبْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ
(وَمِنْهَا) لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا نِصْفَيْنِ ظَهَرَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ لِفَسَادِ الْإِفْرَازِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يُنْتَقَضْ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فِي الْمُسْتَحَقِّ كَمَا إذَا قُلْنَا بِذَلِكَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَبَانَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَفِي الْمُحَرَّرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا وَهُوَ فِي الْحِصَّتَيْنِ فَالْقِسْمَةُ بِحَالِهَا وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي احْتِمَالًا بِالْبُطْلَانِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إذَا قُلْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute