هِيَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا فِي إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ أَوْ شَائِعًا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فِي الْمُحَرَّرِ أَحَدُهَا تَبْطُلُ.
وَالثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، وَالثَّالِثُ تَبْطُلُ بِالْإِشَاعَةِ فِي أَحَدَيْهِمَا خَاصَّةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ مَعَ قَوْلِهِمَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: وَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ فَرْعٌ عَلَى قَوْلِنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْمَبِيعِ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا: لَا تَفْرِيقَ هُنَاكَ بَطَلَتْ هَاهُنَا وَجْهًا وَاحِدًا وَفِي الْبُلْغَةِ إذَا ظَهَرَ بَعْضُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهَا عَلَى اسْتِوَاءِ النِّسْبَةِ وَكَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِذَا عَلَّلْنَا بِفَسَادِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْجَهَالَةِ، وَإِنْ عَلَّلْنَاهُ فَسَعَى عَلَى مَا لَا يَجُوزُ بَطَلَتْ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَشَاعًا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
(وَمِنْهَا) إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ وَقُلْنَا: لَهَا السُّكْنَى فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ الْمَسْكَنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ بِهَا بِأَنْ يُعْلِمُوا الْحُدُودَ بِخَطٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِغَيْرِ نَقْصٍ وَلَا بِنَاءٍ فَفِي الْمُغْنِي يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَسْكَنِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِيهِ حُكْمًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا يُغْتَفَرُ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَتَى قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَإِنَّ بَيْعَ هَذَا الْمَسْكَنِ يَصِحُّ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ.
(وَمِنْهَا) قِسْمَةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَمِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ تَصِحَّ وَقَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَهَذَا الْبِنَاءُ مُتَوَجَّهٌ عَلَى طَرِيقِهِ مَنْ طَرَدَ الْخِلَافَ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي كَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ يَمِيلُ إلَى دُخُولِ الْإِجْبَارِ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُتَقَارِبِينَ فِي الْمَلَاءَةِ ; لِأَنَّ الذِّمَمَ عِنْدَنَا تَتَكَافَأُ بِدَلِيلِ الْإِجْبَارِ عَلَى قَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَلِيِّ وَخَصَّ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتَيْنِ فَصَاعِدًا فَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّةِ وَاحِدٍ لَمْ تَصِحَّ قِسْمَتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَيَشْهَدُ لِقَوْلِهِ أَنَّ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ قَالَ: إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ اخْتَصَّ بِمَا قَبَضَهُ وَفَرَّقَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِعَقْدٍ فَيَخْتَصُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبَيْنَ الثَّابِتِ بِإِرْثٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَخْتَصُّ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَكِ وَنَصَّ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى جَوَازِ الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي فِي الذِّمَّةِ الْوَاحِدَةِ وَسَلَكَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةً ثَانِيَةً وَهِيَ أَنَّ قَبْضَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ هَلْ هُوَ قِسْمَةٌ لِلدَّيْنِ أَوْ تَعْيِينٌ لِحَقِّهِ بِالْأَخْذِ كَالْإِبْرَاءِ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ قِسْمَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ أَذِنَ الشَّرِيكُ فِيهِ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَيَنْفَرِدُ بِهِ الْقَابِضُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لِشَرِيكِهِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ; لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي عَيْنِ الْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ إذْنُهُ فِي قَبْضِ الْأَعْيَانِ. وَفِيهِ ضَعْفٌ فَإِنْ الْأَعْيَانَ هِيَ مُتَعَلَّقُ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ حُقُوقُ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ بِمَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ الْقَبْضُ قِسْمَةً جَازَ ; لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْعَيْنِ إلَّا بِقَبْضِ الْغَرِيمِ أَوْ وَكِيلِهِ فَقَبْضُ الشَّرِيكِ تَعَيَّنَ لِحَقِّهِ لَا غَيْرَ فَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute