للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرِيكٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَبَضَ مَالَ الْمُؤَجِّرِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقَّ نَفْسِهِ فَصَارَ حِفْظُهُ لِنَفْسِهِ وَصَارَ الْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَانَةً لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِيمَا يُنَمَّى مِنْهُ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَأَمَّا مَنْ يَعْمَلُ فِي الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ عَيْنِهِ فَهُوَ كَالْوَصِيِّ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَقْبِضْهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ بَلْ لِلْحِفْظِ عَلَى الْمَالِكِ وَحَقُّهُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِعَمَلِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ - ثُمَّ هَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ

(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَدَّعِيَ الْأَمِينُ أَنَّهُ رَدَّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

(وَالثَّانِي) : أَنْ يَدَّعِيَ الرَّدَّ إلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ بِإِذْنِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) : وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ

(وَالثَّانِي) : لَا يُقْبَلُ فَقِيلَ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ الْأَمِينُ عَلَى الدَّفْعِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَمِينًا لِلْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ إلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَكُلٌّ مِنْ [هَذِهِ] الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَدْ نُسِبَ إلَى الْخِرَقِيِّ بَلْ وَنُسِبَ إلَيْهِ أَنَّ دَعْوَى الْوَصِيِّ الرَّدَّ إلَى الْيَتِيمِ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا سَبَقَ فَرُبَمَا اطَّرَدَ هَذَا فِي دَعْوَى الرَّدِّ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَنَاءِ إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَرُبَمَا اُخْتُصَّ بِالْوَصِيِّ لِأَنَّ ائْتِمَانَهُ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الصَّبِيِّ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعَهُ.

هَذَا إذَا ادَّعَى الرَّدَّ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَإِنْ ادَّعَاهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى وَلَا الْأَدَاءُ إلَى الْوَارِثِ وَالْحَاكِمِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَأْتَمِنَاهُ نَقَلَهُ فِي التَّلْخِيصِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّدَّ إلَى مَنْ يَدُهُ كَيَدِ الْمَالِكِ كَوَكِيلِهِ أَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِهِ وَخَازِنِهِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يَحْفَظُ مَالَهُ لِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ كَيَدِهِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَى الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ الْقَبُولُ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الْمُؤْتَمَنِ وَهُوَ رَدٌّ مُبَرِّئٌ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَدَّعِيَ غَيْرُ الْأَمِينِ - كَوَارِثِهِ - أَنَّ الْأَمِينَ رَدَّ إلَى الْمَالِكِ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ خَرَّجَ وَجْهًا بِالْقَبُولِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِهِ وَجَعَلَ أَصْلَ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهَا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْرِيجِ إذَا لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْتَفٍ سَوَاءٌ ادَّعَى الْوَارِثُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ أَوْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا.

الْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَدَّعِيَ مَنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأُمَنَاءِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِالتَّلَفِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ كَوَارِثِ الْمُودَعِ وَنَحْوِهِ وَالْمُلْتَقِطِ بَعْدَ ظُهُورِ الْمَالِكِ وَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا إذَا

<<  <   >  >>