٢- وقال ابن القيم في ((كتاب الروح)) (ص ٥٠١) : ((فصل: وأما المسألة السابعة عشرة، وهي: هل الروح قديمة أم محدثة مخلوقة؟ وإذا كانت محدثة مخلوقة، وهي من أمر الله؛ فكيف يكون أمر الله محدثاً مخلوقاً؟ وقد أخبر سبحانه أنه نفخ في آدم من روحه؛ فهذه الإضافة إليه هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؛ فقد أخبر عن آدم أنه خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فأضاف اليد والروح إليه إضافة واحدة؟.
فهذه مسألة زلَّ فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين والصواب المستبين، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ كما يُعلم بالاضطرار من دينهم أنَّ العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع، وأن الله وحده الخالق، وكل ما سواه مخلوق له، وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم - وهم القرون المفضلة - على ذلك من غير اختلاف بينهم في حدوثها وأنها مخلوقة، حتى نبغت نابغة ممَّن قصر فهمه في الكتاب والسنة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر الله، وأمره غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علمه وكتابه وقدرته وسمعه وبصره ويده، وتوقف آخرون فقالوا: لا نقول مخلوقة ولا غير