كان وصول المماليك إلى الحكم في خضم اضطراب سياسي كبير، وأثناء تعرّض البلاد العربية الإسلامية إلى غزوات عاتية من الشرق والغرب. فلم تزل ممالك الصليبيين قائمة في بلاد الشام، وعادوا إلى التوسع مجددا، وجرّدوا حملة استهدفت مصر.
وكانوا في الأندلس يقتطعون الناحية إثر الناحية، وسفنهم تعتدي على الثغور العربية، وهدفهم احتلال المنطقة العربية واستيطانها ونهب خيراتها.
وفي هذه الحقبة بدأ الغزو المغولي للشرق العربي، فاجتاحوا العراق، وقضوا على الخلافة العباسية واحتلوا معظم بلاد الشام، وتقدموا نحو مصر ناشرين الذعر والدمار.
فالتقى الخطر المغولي والخطر الصليبي لتهديد الوجود العربي الإسلامي، وأدرك العرب أن هذه الغزوات تريد اقتلاعهم من الوجود، فنهضوا بقيادة المماليك لدرء الخطر الداهم عن أنفسهم.
وكان للشعراء مشاركة في حركة الجهاد العارمة لمواجهة الغزاة، فجاهد قسم منهم بنفسه وبشعره، وحث الناس على البذل والتضحية، وهاجم الغزاة وقلّل من شأنهم، ولجأ قسم آخر إلى الدين، يطلب الطمأنينة والمدد وكفّ شرّ الغزاة عن الأمة، ويدعو إلى الصلاح طريقا للخلاص من النكبات والويلات.
وقد اتخذ الفرنجة الصليب شعارا لهم في غزوهم، وتستروا بالدين لإخفاء مطامعهم السياسية والاقتصادية، وهاجموا الإسلام، فدافع الشعراء عن الإسلام ومقدساته، وردّوا على الغزاة انتقاصهم من قدر الإسلام ونبيه، فمدحوا رسول الله