للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي سنة (٧٨٢ هـ) «رسم الأتابكي برقوق بأن يحدثوا في آذان العشاء عقيب الآذان (السلام عليك يا رسول الله) فاستمر ذلك من يومئذ» «١» .

فهذه الزيادات في الآذان أو بعد الصلاة، تؤكد تعلق أهل العصر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتزيد من شيوع ذكره بينهم في كل أوقاتهم، وتدفع الشعراء إلى ذكره ومدحه.

أما البدع السيئة التي انتشرت في هذا العصر فإنها تتمثل في ظواهر الشعوذة والتنجيم والتنبؤ بالمستقبل، والتي ترضي حاجة الناس الذين يعيشون حياة مضطربة وفي خوف دائم مما يمكن أن تأتي به الأيام، فإن المشعوذين كانوا يحتالون على الناس باسم الدين، وأدخلوا في أذهانهم أوهاما باطلة عن مقدرتهم الخارقة على استجلاء الغيب ومعرفة ما سيحدث. ووصل الأمر بهؤلاء المشعوذين إلى أن «ادّعى شخص فقير أنه محمد بن عبد الله، النّبي الأمي» «٢» و «قبض على رجل ادّعى النبوة، وزعم أن حروف القرآن تنطق له، وأن الوحي يأتيه على لسان جبرائيل تارة، وعلى لسان ميكائيل تارة، وزعم أنه أنزل عليه قرآن يختص به فسجن ورجع عن قوله» «٣» .

وكانت هذه البدع تدفع الناس إلى الاستغفار من شرّها، وتجعلهم يتوسلون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى لا تحلّ بهم جرائرها.

[الجدل المذهبي:]

وصل في هذا العصر الجدل الديني إلى أشده بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب من ناحية وبين الفرق الإسلامية المختلفة من ناحية ثانية، واحتدم بين الاتجاهات الدينية


(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٢/ ١- ٢٦٥.
(٢) ابن حجر: إنباء الغمر: ص ٢٢٤.
(٣) ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ١- ٢٤٩.

<<  <   >  >>