وقد وصل إلينا من مديح النبي الكريم على عهده، ما يثبت أن الشعراء قد تأثروا بشخصية الرسول العظيمة، كل واحد من موقعه، فظهر صلّى الله عليه وسلّم في شعرهم إنسانا كاملا، ونبيا كريما، ولم يكن يخطر ببالهم أنهم يرسون فنا جديدا من فنون الشعر العربي، سيكون له فيما بعد شأن أي شأن، ينشغل به النّاس، ويتبارون في إجادته.
ومع ذلك فإنهم قدموا لمن جاء بعدهم طريقة مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإمكانية ذلك وكثيرا من المعاني والتعابير التي استخدمها الشعراء إلى يومنا هذا، وأصبحت بعض القصائد مثالا يحتذى في نظم المدح النبوي، كلامية كعب بن زهير وهمزية حسان بن ثابت.
القسم الثالث- في العصر الراشدي والأموي:
عند وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقع المسلمون في حيرة حول خلافته، ولم يكونوا يفكرون في ذلك، ولم يتهيؤوا له، فتباينت آراؤهم فيمن يستحق خلافه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو لم يوص لأحد، ولم يترك إشارات قاطعة حول خلافته، وترك الأمر شورى بين المسلمين، ولكن الصحابة الكرام سرعان ما حسموا هذه المسألة، وأنهوا هذه المشكلة التي أثيرت ثانية في القسم الأخير من خلافة عثمان- رضي الله عنه-، الذي استشهد في خضم المعترك السياسي آنذاك، هذا المعترك تحول في خلافة علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- إلى صراع دموي، انتهى بتسلم الأمويين للسلطة، وتحويل نظام الحكم من الشورى إلى الوراثة-، لكن الأمر لم يستتب لهم على الرغم من قوتهم، إذ تحولت الاتجاهات المتابينة في النظر إلى الخلافة، إلى أحزاب قوية، ظلت تقارع الأمويين حتى قوّضت دولتهم.
ولمّا كان الصراع في جوهره صراعا حول الخلافة، والخلافة الإسلامية مركز ديني وسياسي في الآن ذاته فإن كل فرقة من الفرق المتصارعة، حاولت أن تجد لمطالبها