للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشّمس قد همّت لتذهب رهبة ... لكنّها بقيت لنا لم تذهب

وعلى الأصائل رقّة. فكأنّما ... لبست نحول العاشق المتلّهب

ومبشّر النّوار جاء مخلّفا ... لا شكّ قد خطرت نوافح يثرب «١»

وهذا يظهر لنا أن مدّاح النبي الكريم الذين اختاروا الطبيعة مقدمة لقصائدهم، كانوا يريدون إظهار بهجة نفوسهم لمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونقل هذه البهجة إلى نفوس سامعيهم، إضافة إلى رغبتهم بإظهار مقدرتهم الفنية، ومعرفتهم لضروب الصنعة البديعية، التي كان لها شأن كبير في ذلك الوقت.

[الوعظ:]

إلا أن شعراء المديح النبوي لم يقفوا عند هذه الألوان من مقدمات قصائد المديح، بل اتسعوا في مقدماتهم ونوّعوها تنويعا كبيرا، ومن ذلك تقديمهم للمدائح النبوية بالحكم والمواعظ، وضرب الأمثال، وهذه الألوان وردت في مقدمات قصائد المديح العربي، وهي تلائم المدحة النبوية، لأن المقام مقام ديني، ولأن الحكم والمواعظ تسترعي الانتباه، وتوحي بموضوع القصيدة، وتدفع إلى الخشية والورع، وهذا ما يقصد إليه شعراء المدائح النبوية، ليعتبر الناس من سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخلاقه وأفعاله.

وغالبا ما تكون المواعظ في ذكر الذنوب وطلب التوبة والمغفرة، وهو ما يتطلع إليه الشعراء الذين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من وراء مدحهم، وهذا ما لا حظه النبهاني، ودعا إليه حين قال: «ويستحسن أيضا تقديم المواعظ والحكم في ابتداء مدائحه صلّى الله عليه وسلّم، لأنها من الأمور النافعة المستحسنة طبعا وشرعا» «٢» .


(١) الصفدي: الوافي بالوفيات ٨/ ٢٦٥.
(٢) المجموعة النبهانية: ١/ ١١.

<<  <   >  >>