المدح فن عريق من فنون الشعر العربي، وأكثرها تناولا عند شعراء العربية، منذ عرف الشعر العربي على صورته المعروفة، فيه تبارى الشعراء وتفاضلوا، وفيه كان معاشهم.
وقد وقف المهتمون بالشعر العربي قديما وحديثا مواقف متباينة من فن المديح، فمنهم من أشاد به لأنه يؤثر في حياة العرب، وينشر الفضائل العربية ويحبّذها، وينهى عن النقائص الذميمة، ويدعو إلى اجتنابها. ومنهم من انتقد المديح وهاجمه، لأنه يجعل الشعر مرتبطا بأولي الأمر، ولا يلتفت إلى عامة الناس، ولأنه يجانب الصدق في أوصاف الممدوح، ويجافي الحقيقة في أعماله، ويضفي على الممدوح فضائل لا يستحقها.
والمدح وصف لأخلاق الممدوح، وإشادة بفضائله، وبيان لميزاته، وحمد لأفعاله، وقد ذهب به شعراء العربية كل مذهب للدواعي القوية التي تدفع إليه، فالشاعر المنقطع إلى الشعر، المتفرغ له لا يوجد أمامه سبيل للعيش إلا عطاء الموسرين، وهؤلاء لا يقدمونه إلى الشاعر لبراعته الفنية، ولكن جزاء مدحه لهم، فكان الشاعر مضطرا إلى مدح ذوي الجاه والسلطان وذوي المال والغنى.
ولا يقتصر إقدام الشاعر على مدح رجل أو قوم رغبة في المال، بل قد يمدح خوفا من بطش أو اتقاء لشر، أو يمدح لسبب سياسي، فعندما يميل إلى مذهب سياسي، يشيد برجاله، ويظهر حسن مذهبهم، وقد يمدح لسبب ديني، كما هو معروف في مدح آل