وليست قصائد المدح النبوي جميعها ذات أجزاء متباينة، وذات مقدمات وخاتمات، ففيها قصائد تحمل وحدة موضوعية، يمزج فيها الشاعر أجزاء القصيدة دون أن يترك شيئا، ودون أن يشعر المتابع بتوالي أجزاء القصيدة، ومثال ذلك قصيدة للشهاب محمود يقول فيها:
نعم آن أن يسري الرّفاق إلى الحمى ... فقم أو فمت إن ركب هامة أتهما
ألا حبّذا مسرى الرّكاب وقد رأت ... لها معلما عند الثّنيّة معلما
وقد أشرقت تلك القباب وأشرقت ... وعاين أنوار الهدى من توسّما
وشاهد في تلك المشاهد والرّبا ... معارج جبريل الأمين إلى السّما
يرى منبر الهادي وموضع قبره ... ومزدحم الأملاك والوحي فيهما
عليه سلام الله ما هبّت الصّبا ... وسارت نجوم اللّيل تتبع أنجما «١»
فالشاعر لم يحتج إلى ما يربط به أجزاء القصيدة، لأنه مزج بين هذه الأجزاء، ولم يفصل جزآ عن آخر، وربطها جميعا بمشاعره التي ظلت ظاهرة متأججة منذ بداية القصيدة وحتى نهايتها.
[الرجز:]
ولم ينس شعراء المديح النبوي أن ينظموا بعض مدائح النبي الكريم على الشكل الشعري القديم، الذي تميّز عن باقي قصائد الشعر العربي بوزنه وبطريقة صياغته، وهو الرجز، فنجد بعض الأراجيز في المدح النبوي، منها أرجوزة للصرصري، مطلعها: