يفترق عن المديح النبوي، لأن قصائده لم تنشأ في الأصل لمدح النبي الأمين، وإن ورد ذكره في بعضها.
ويلتقي فن التشوق للمقدسات مع المديح النبوي أحيانا، عند ذكره للرسول الكريم، وحين يقدم لقصائد المديح النبوي به، فهذا الفن له علاقة بالمديح النبوي، لكنه لا يعد مدحا نبويا خالصا، ذلك الفن الذي تقاطع مع فنون أخرى، وافترق عنها، وهو موضوع دراستنا هذه.
القسم الخامس- المولد النبوي:
إذا كان الناس يحتفلون بذكرى عظائمهم، وكان أصحاب الديانات المختلفة يحتفلون بميلاد أنبيائهم وأصحاب شرائعهم، فإنه يحق للمسلمين أن يحتفلوا بميلاد سيد الرسل، وأفضل البشر، لأن الاحتفال بمولده يذكّر الناس بعظمته وكماله وأثره في البشرية، وإن كان من المفروض أن ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يغرب عن بال مسلم. وأن تمثّل حياته باق نصب عينيه، ولكن لا بأس من أن يتضافر الذكر الفردي مع الذكر الجماعي، ليظل القدوة والمثل في الأنفس والقلوب، بعد أن أخذت الحياة ومشاغلها الناس شيئا ما عن مجالس الذكر والتدبّر.
ويبدو أن من فكر بإحياء ليلة المولد والاحتفال بها، رأى ما عند غير المسلمين من المناسبات المماثلة، ولمس الحاجة إلى إقامة مثل هذه الاحتفالات لغايات كثيرة، منها ما هو ديني ومنها ما هو سياسي لأن الأخبار المتعلقة بالمولد النبوي لا ترقى إلى أقدم من الدولة الفاطمية، وعصر الحروب الصليبية، ولم يكن الاحتفال بهذه الذكرى في أيام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا في أيام الصحابة والتابعين، ولذلك عدت بدعة، رآها بعض المسلمين بدعة حسنة، فحبّبوها، ورآها بعضهم الآخر بدعة يساء الاحتفال بها، فانتقدوها.