للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كان أغنى ابن حجر عن مثل هذا الشعر، ولكنها الرغبة في المشاركة في المديح النبوي بأي شكل من الأشكال.

فصياغة المدائح النبوية تفاوتت تفاوتا كبيرا، ما بين القوة والجزالة، والسلامة والانسجام، وبين النظم والتصنع البديعي، والتكلف والضعف لأن شعراء المدائح النبوية عكسوا في شعرهم المذاهب الأدبية في عصرهم، وتوجّه كل منهم.

[الألفاظ:]

يختلف الشعراء في طريقة تعبيرهم، وفي الألفاظ التي يميلون إلى استخدامها في شعرهم، بحسب الموضوع الذي يتناوله الشاعر، وبحسب البيئة التي عاش فيها، وبحسب المتلقي لهذا الشعر.

فشعراء البادية يميلون إلى جزالة اللفظ والإغراب فيه، وخاصة الرجّاز منهم، وهناك مواضيع لا يلائمها إلا التعبير الفخم، والألفاظ الطنانة، ومواضيع أخرى يميل التعبير عنها إلى السهولة والوضوح.

وترتبط لغة الشاعر بمقدرته اللغوية، وثقافته العامة، والمصادر التي استقى منها لغته، وبذلك يتفاوت شعراء المديح النبوي تفاوتا عظيما، لأن بعضهم أخذ اللغة عن شيوخ ثقات، فأتقنها وأتقن استخدامها وبعضهم كان في عزلة أو شبه عزلة عن المؤثرات التي تضعف ملكته اللغوية، وبعضهم لم يؤت من الثقافة اللغوية إلا شيئا يسيرا، وبعضهم تنازعت لغته مؤثرات متناقضة، مثل مجالس العلم والحياة العامة، هناك يستقي اللغة الفصحى ويستخدمها، وهنا يتحدث إلى الناس باللهجة العامية، فيظهر أثر هذا وذاك في شعره.

ولسنا نأخذ على بعض الشعراء ميلهم إلى السهولة والرقة في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأنهم لم يكونوا يمدحون مدحا تقليديا، بل كانوا يعبرون عن مواجدهم وأرق

<<  <   >  >>