صلّى الله عليه وسلّم، وذكر الرحلة والراحلة تقديم معروف للقصيدة المدحية، أفاد منه شعراء المديح النبوي، لأنه في وصف المصاعب التي اعترضتهم في رحلتهم، يظهرون فيه مدى محبتهم وشوقهم للرسول الكريم، وهو مناسبة لإضفاء هذه المشاعر على راحلاتهم، فتكون أعمق وأبلغ وأشد تأثيرا في النفس، فإذا كانت هذه البهائم تشعر بالشوق إلى الأماكن المقدسة، وتتجاوز الصعاب للوصول إليها، فكيف يكون حال من يركبها؟
هذا ما ظهر في تقديم الشهاب محمود في ذكر الرحلة إلى الحجاز، فوصف النوق وصفا خارجيا ونفسيا، وأضفى عليها المشاعر الإنسانية في قوله:
أرحها فقد ملّ الظّلام سراها ... وأنحلها بعد المدى وبراها
وغادرها جلدا وعظاما حنينها ... إلى منزل فيه اللّقاء قراها
ألست تراها كلّما ذكر الحمى ... تمدّ له أعناقها وخطاها
فهو لا يتحدث عن الراحلات وإنما عن نفوس راكبيها، وإن مزج بين معاناة هذه النياق وبين مشاعر الركب الذين يتلهفون للوصول إلى المدينة المنورة، ورؤية الروضة الشريفة.
[وصف الطبيعة:]
وجارى شعراء المديح النبوي في مقدماتهم شعراء المديح التقليدي في وصف الطبيعة، ولكنهم لم يصفوا الصحراء القاحلة إلّا لماما، وأثناء الحديث عن رحلتهم، وإنما وصفوا الطبيعة الزاهية التي تعكس فرح نفوسهم بزيارة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والتي