للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تستعرض سيرة رسول الله، وتظهر مواقف العظمة والعبرة فيها، فمنهم من جعل الحديث عن السيرة في قصائد خاصة، ومنهم من عرض أجزاء منها في ثنايا مدائحهم النبوية، فاستوفوا السيرة بكل تفاصيلها، يأخذ كل منهم جانبا منها، وفق المعنى الذي يريد إبرازه في قصيدته، وكأنهم نثروا كتب السيرة في قصائدهم.

واختلف الشعراء في طريقة عرضهم للسيرة، فمنهم من اقتطع منها مواقف محددة ذات دلالة، وأدمجها في قصيدته لتكمل المعاني وتؤكدها، وأظهر مشاعره نحو هذه المواقف، ومنهم من أخذ في نظم السيرة النبوية الكريمة نظما موضوعيا، مبتدئا من المولد، منتهيا بالوفاة، مارّا بأبرز الأحداث والمواقف في حياة رسول الله دون أن يشرح أو يعقّب أو يستخلص العبرة والمثل ومواطن العظمة والاقتداء، فاقتربت المدائح النبوية بذلك من المنظومات التعليمية.

[المعجزات:]

إلا أن سرد السيرة في المدائح النبوية اختلط بذكر المعجزات التي ظهرت مع مولده صلّى الله عليه وسلّم وبعثته ودعوته، وقد اتسع شعراء المديح النبوي في ذكر هذه المعجزات اتساعا كبيرا، بسبب شيوع الحديث عن هذه المعجزات والتأليف فيها، وبسبب الجدل الديني مع أهل الكتاب، وغذّى هذا التوجه نحو الإفراط في نسب المعجزات إلى رسول الله، سيادة الاتجاه الصوفي، الذي يميل أصحابه إلى الخوارق والكرامات، وادّعائها وقد يكون في نسبتها إلى رسول الله ما يسوّغ لهم نسبتها إلى أنفسهم، ويعطيهم مصداقية لما يدعون.

ويظهر أن نسبة الكثير من المعجزات إلى النبي الكريم كانت محل أخذ ورد بين علماء الدين، فمنهم من أنكر قسما كبيرا منها، وعدّها من المنحول، ومن صنع

<<  <   >  >>