ولم يكن الشعراء بعيدين عن هذا الموقف، فكانوا يسجلون في شعرهم مشاعر السخط على مظاهر البؤس الذي يحكم حياة العامة، وإذا لم تسعف بعضهم الشجاعة الكافية للتصريح بما يجول في أنفسهم كانوا يعتمدون طريقة غير مباشرة، ويتجهون إلى الدين ومدح النبي الكريم، فيقدمون المثل الأعلى للعدل والرحمة بالناس، ويقارنون بين ما كان عليه المسلمون الأوائل، وبين ما آل إليه الأمر في عهدهم لعل حكامهم الذين يتمسّكون بالدين ويظلمونهم ينتبهون لذلك، فلا يستمرون فيما هم عليه، ولعل الناس تعي حقوقها، فتهب للمطالبة بها، وتضع حدا للأوضاع الخاطئة التي أضحت شيئا اعتاده الناس، فظنوه قدرا لا مفر منه.
وقد شهد العصر المملوكي الكثير من الأزمات الخانقة، وحدثت كوارث طبيعية حصدت الناس حصدا بالإضافة إلى المجاعات المتكررة التي أوصلت الناس إلى أكل لحوم البشر، فكانوا عندما تلمّ بهم مصيبة من هذه المصائب يضجون بالدعاء إلى الله تعالى، ويستشفعون برسوله، ليرفع عنهم هذا الكرب.
[المفاسد الاجتماعية:]
عرف العصر المملوكي بعض صور اللهو والمجون، والمفاسد الاجتماعية، وخاصة في أعياد النصارى، حيث يجهر الناس باللهو وشرب الخمر، ففي عيد الشهيد «يخرج عامة أهل القاهرة ومصر على اختلاف طبقاتهم، وينصبون الخيام على شطوط النيل وفي الجزائر، ولا يبقى مغني ولا مغنية، ولا صاحب لهو ولا رب ملعوب، ولا بغي ولا مخنث ولا ماجن ولا خليع ولا فاتك ولا فاسق إلا ويخرج لهذا العيد، فيجتمع عالم عظيم جدا، لا يحصيهم إلا خالقهم، وتصرف أموال لا تنحصر، ويتجاهر هناك بما لا يحتمل من المعاصي والفسوق وتثور فتن، وتقتل أناس، ويباع الخمر ... »«١» .