للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى البدر صفرة من خشوع ... وعلى الشّمس حمرة من حياء «١»

وهكذا حفلت المدائح النبوية بذكر أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحياة، ومستقبل البشرية، فأفاض شعراء المديح النبوي في الحديث عن هدايته للناس، وعن أثره في عقولهم ونفوسهم، وتجاوزوا بالفرح به والاستبشار ببعثه، البشر إلى الكون بسمائه وأرضه، وإلى الزمان والمكان، فتغنوا بهذه الماثر العظيمة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي اعترف له غير المؤمنين به، بأنه أول خلق الله تأثيرا في البشرية خلال تاريخ وجودها على هذه الأرض.

[التوسل به والصلاة عليه:]

إن التوسل بالنبي الكريم والتشفع به والصلاة عليه، من لوازم المدائح النبوية، التي لا تخلو منها قصيدة، فمهما كانت الأسباب الموضوعية التي تحدو بالشعراء إلى نظم المديح النبوي، تبقى الأسباب الذاتية هي المحرك الفعلي لهذا التوجه، أو تصبح الأسباب الموضوعية أسبابا ذاتية، والشاعر يريد من وراء مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وذكره، الثواب على مدحه، والجائزة التي يطلبها مادح النبي، ليست من مثل الجوائز التي يطلبها الشعراء حين يمدحون الملوك والسادة، بل هو يريد من وراء مدحه أن يفرج الله كربه، ويديم نعمه عليه، ويغفر ذنوبه؛ لذلك حرص شعراء المدائح النبوية جميعهم على التوسل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطلب المغفرة من الله تعالى جزاء على مدحهم لرسوله.

أما الصلاة على النبي في المدائح النبوية، فهي من ألصق ما يقال بموضوع المديح النبوي، فإذا كانت القصائد العادية تختتم بالصلاة على النبي، وإذا كانت تفتتح بها، وإذا كانت الكتب والرسائل تفتتح بالصلاة على النبي وتختتم، فماذا يكون حال المدائح النبوية؟


(١) المجموعة النبهانية: ١/ ١٤٥.

<<  <   >  >>