للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعري عندهم، ولم نعرض أمثلة لشعراء آخرين، أو لعلماء نظموا صفات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومواهبه ومعجزاته وسيرته، وسنعرض لأمثلة من هذا النظم عند الحديث عن الأسلوب والصياغة، فالنظم يجعل ملامح الشكل الشعري في المدحة النبوية غامضا، يفتقر إلى الوضوح، ويبتعد عمّا هو معروف في قصائد المديح العربي وقصائد المديح النبوي.

[المعارضة:]

ومن مظاهر الشكل الشعري في المدائح النبوية، أثر المعارضة الذي لا يمكن أن ينكر، والذي ظهر إلى أبعد الحدود في شعر المديح النبوي، فكثير من قصائد المديح النبوي كانت معارضة لقصائد سابقة في المدح النبوي وسواه، والمعارضة تتعدى في تأثيرها النظر إلى قصيدة معينة عند نظم الشاعر لقصيدته، بل إن الشاعر يضع القصيدة المعارضة أمامه، ويأخذ في تتبعها بيتا بيتا، منذ بدايتها وحتى نهايتها، فيأخذ شكل القصيدة ووزنها وقافيتها، وقد يأخذ بعض معانيها وعباراتها.

واقتفاء الشعراء أثر بعضهم ليس عيبا، وليس غريبا في شعرنا العربي، وتأثر الشعراء بعضهم ببعضهم ليس بدعة، فقصيدة كعب بن زهير التي لاقت من المعارضة ما لم تلقه قصيدة أخرى، أرجع معظم معانيها وكثير من عباراتها إلى قصائد جاهلية سابقة كما مر معنا-، وحتى مقدمتها، كانت شائعة في ذلك الوقت، وهي:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يفد مكبول

فقيل: «القصائد التي أولها (بانت سعاد) تزيد على خمس مئة قصيدة، منها قول ربيعة بن مقروم «١» :


(١) ربيعة بن مقروم بن قيس الضبي، شاعر مخضرم، شهد بعض الفتوح في الإسلام. ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص ١١٥.

<<  <   >  >>