للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آثار النبي الكريم:]

لقد عظّم المسلمون كل ماله علاقة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأجلّوا الأزمنة التي تخصه، مثل يوم مولده ويوم هجرته، والأمكنة التي تقلب فيها مثل مكان مولده وتعبده ومسجده ومدفنه، وأضفوا القداسة على الأدوات التي كان يستخدمها في حياته من سرير ولباس وآنية، وغير ذلك من متاع الدنيا. وحرصوا أشد الحرص على ما تركه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتبرّكوا باثاره، فالخلفاء ظلوا يتوارثون بردته وجعلوها علامة الخلافة، وكدّوا أنفسهم في تحصيل كل ماله علاقة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد وصل إلى العصر المملوكي شيء من هذه الآثار.

ولا شك في أن وجود هذه الآثار أمام عيون الناس، قد هيّج وجدهم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودفعهم إلى مدحه ومناجاته، فقال ابن خطيب داريا بهذه الآثار:

يا عين إن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشطّ مزاره

فلقد ظفرت من الزّمان بطائل ... إن لم تريه فهذه آثاره «١»

وابن رشيد السبتي «٢» «له أبيات كتبها على حذو نعل النبي صلّى الله عليه وسلّم بدار الحديث الأشرفية، وهي:

هنيئا لعيني أن رأت نعل أحمد ... فيا سعد جدّي قد ظفرت بمقصدي

وقبّلتها أشفي الغليل فزادني ... فيا عجبا زاد الظما عند موردي

ولله ذاك اليوم عيدا ومعلما ... بمطلعه أرّخت مولد أسعدي


(١) الخطط المقريزية: ٤/ ٢٩٥.
(٢) ابن رشيد السبتي: محمد بن عمر بن محمد، فقيه أديب تصدى للتدريس في سبتة، من مصنفاته (الرحلة المشرقية) توفي سنة (٧٢١ هـ) . الصفدي: الوافي بالوافيات ٤/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>