للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما حنّ مشتاق وما أن عاشق ... وما سار ركب طالبا أرض طيبة «١»

إلا أن التلوين المعنوي للصلاة على النبي في خاتمة المدحة النبوية، لم يكن مرتبطا دائما بأشياء خارجة عن الحيز الديني، للدلالة على الاتساع والاستمرار، وإنما أراد الشعراء بذلك الابتعاد عن التكرار، وإظهار مقدرتهم الفنية، بالإضافة إلى التعبير عن مشاعرهم السامية والصافية نحو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ولا أدلّ على تعلق شعراء المديح النبوي بالصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مدائحهم من قول ابن العطار، الذي أظهر فيه قدر ذكر رسول الله، واحتفال المسلمين به:

فيا معشر الأحباب إنّ نبيّنا ... إلى فوزنا راع وساع وخاطب

ألا فاذكروه كلّ حين وسلّموا ... عليه بذاك الذّكر تسمو المراتب

وقوموا على أقدامكم عند ذكره ... فذلك في شرع المحبّة واجب «٢»

فالتوسل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وطلب شفاعته، والصلاة عليه، مما حرص شعراء المديح النبوي على ذكره في قصائدهم، وهو جزء هام من أجزاء المدحة النبوية، فهو يجلو مشاعر الشاعر، ويظهر مكنونات نفسه، وهمومه الذاتية والعامة، ويبيّن نظرة المسلمين إلى رسولهم الأمين، ودوافع مديحه الذي غدا من أهم الفنون الشعرية في العصر المملوكي.


(١) المجموعة النبهانية: ١/ ٥٤٢.
(٢) المجموعة النبهانية: ١/ ٤٤٢.

<<  <   >  >>